ألا يزال الإنسان يتطوَّر؟


فئة :  ترجمات

ألا يزال الإنسان يتطوَّر؟

ألا يزال الإنسان يتطوَّر؟[1]

«ليس التَّاريخ البشريُّ سوى جهد لا هوادةَ فيه للاختراع، والتَّطوُّر الدَّائم».

جان جوريس jean jaurès، خطاب للشَّبيبة، ألبي، 1903

مقدمة:

يستمرُّ الإنسان في التَّطوُّر، ولكن متى يمكننا التَّنبُّؤ بتأثير انتقاء المتغيِّرات الجينيَّة الجديدة؟ هناك ثلاثة عوامل تتدخَّل في ذلك: الصُّدفة، والتَّهجين، والانتقاء الطَّبيعيُّ. بالنِّسبة للصُّدفة؛ تَظهر طفرات جديدة دائماً، أكثر عدداً إحصائيَّاً من عددها في العصر الحجريِّ القديم؛ لأنَّ عدد سكَّان الأرض سيصل إلى 8 مليارات قريباً. هناك إذن عدد متزايد من الطَّفرات، لكن هناك احتمال أقلُّ لاستقرارها حاليَّاً لدى السُّكَّان؛ لأنَّنا لم نعد معزولين، ولأنَّ الانتشار السَّريع لهذه الطَّفرات الجديدة يجب أن يُقلِّلَ من تأثيرها الانتقائيِّ. وهكذا، يولد معظم الأطفال وهم يحملون حوالي مائة طفرة غائبة عن جينوم الوالدين، لكنَّ الغالبيَّة العُظمى منها لا توفِّر ميزة حاسمة للبقاء، وليس هناك أيُّ سبب لانتقائها عن طريق التَّطوُّر، وبالتَّالي لانتقالها على المدى البعيد عبر مئات الأجيال. والاختلاط والتَّمازج ضروريَّان؛ لأنَّ التَّنقُّل البشريَّ أصبح عالميَّاً، باستثناء عدد قليل من البلدان في أفريقيا وأمريكا الجنوبيَّة أو إندونيسيا؛ حيث تستمرُّ مجموعات عِرقيَّة معزولة. ويُسهِّل هذا التَّمازج تركيبة من المتغيِّرات المتعدِّدة، وظهور اختلافات جديدة في نمطنا الظَّاهريِّ. وأخيراً؛ لقد تغيَّر الانتقاء الطَّبيعيُّ بشكل ملحوظ منذ 300 ألف سنة، ولم يعد يعتمد على المناخ والغذاء والأمراض، وإنَّما على العوامل الثَّقافيَّة، والظُّروف الدِّيموغرافيَّة، وتأثير التَّحضُّر، والتِّكنولوجيا الجديدة. وانخفض أيضاً انتقاءٌ إيجابيٌّ للمتغيِّرات الجديدة بسبب الانخفاض الكبير في الخصوبة العالميَّة. فمنذ 5 آلاف عام؛ أتاحت 7% من الجينات البشريَّة انتقاء متغيِّرات جديدة، لكن يستحيل في الوقت الحاليِّ التَّنبُّؤ بنوع التَّغيُّر الَّذي سيظهر في نمطنا الظَّاهريِّ، ولا سيَّما أنَّنا سنضطرُّ إلى الانتظار حوالي 1500 سنة لمراقبة عواقب مثل هذه التَّغيُّرات. فمنذ 10 آلاف سنة؛ تطوَّرت الجينات البشريَّة بشكل أسرع من تطوِّرها منذ انفصال الإنسان والشَّمبانزي قبل 6 ملايين سنة. فقد استوطن الإنسان العاقل قبل 10 آلاف سنة جميع القارَّات باستثناء القارَّة القطبيَّة الجنوبيَّة، وأدَّى التَّكيُّف مع البيئات المختلفة إلى كلِّ هذه الاختلافات الفيزيولوجيَّة والشَّكليَّة الَّتي نوضحها في هذا الكتاب.

للاطلاع على الملف كاملا المرجو  الضغط هنا

[1]- من كتاب الحمض النووي الريبي، برنار سابلونيير، ترجمة محمد أحمد طجو، الصادر عن مؤسسة مؤمنون بلاحدود للنشر والتوزيع- بيروت-لبنان