الديمقراطيَّة بين مطلب العدالة وآلة العنف


فئة :  مقالات

الديمقراطيَّة بين مطلب العدالة وآلة العنف

الديمقراطيَّة بين مطلب العدالة وآلة العنف[1]

محمد الخراط

مدخل:

لا تدَّعي هذه الورقة تقديم دراسة أكاديميَّة ضافية، أو مفصَّلة لقضية الديمقراطيَّة، ومطلب العدالة وصخب العنف أثناء الثورات العربيَّة وبعدها، لا لصعوبة تشريع الربط بين هذه المصطلحات المكوّنة للعنوان الذي وسمنا به عملنا فحسب، بل لأنَّنا نطرق موضوعاً ما زالت خيوطه تنسج في الواقع الفعلي أيضاً، بل ما زالت الذوات تتفاعل معه، ولم تنشأ مسافة زمنية مهمَّة تكفي لمقاربة يسعها من العمق ما هي جديرة به. فحسبنا إذن، أن نتطلع إلى رؤية تطمح إلى التفكيك وتقنع بالاستشراف.

الديمقراطيَّة بين مطلب العدالة وآلة العنف ليس عنواناً أو موضوعاً راهناً فحسب، إنَّه، إضافة إلى ذلك، سياق اجتماعي وسياسي يجعلنا نتساءل: لماذا تجابه وترتبط الدعوة إلى الديمقراطيَّة بالعنف سواء ممَّن يرفعون شعارها أو ممَّن يُكفِّرون دعاتها؟ دعوات تترى نسمعها تُنظِّر للديمقراطيَّة والعدالة الاجتماعيَّة وتدين العنف، فلماذا يزداد العنف وتتَّسع رقعته يوماً وراء يوم ولا نستشعر بداية حقيقيَّة عمادها تركيز أسس الفكر الديمقراطي وقواعد الممارسة الديمقراطيَّة؟

سيكون منطلق تفكيرنا في الموضوع بشكل أساسي ما استوحيناه من التجربة التونسيَّة، انطلاقاً من مخاض أحداث 17 ديسمبر 2010 / 14 يناير 2011، دون أن نغفل عن مجموع الأحداث الإقليميَّة التي اكتنفت أو أعقبت ما سُمِّي عند بعضهم بالربيع العربي، وعند بعضهم الآخر بالتسونامي العربي، وعند فريق ثالث بأنفلونزا السياسة العربيَّة، فضلاً عمَّن يعتبر ما حدث انتفاضة لا ترتقي إلى مستوى الحدث الثوري. وستحاول هذه الورقة أن تكون مقاربة بينيَّة تجمع بين التحليل السوسيولوجي والتفكيك السياسي والتأمُّل الفلسفي. ولسنا نزعم أنَّنا نُقدِّم مقاربة علميَّة للموضوع بالمعنى الوضعي للمصطلح، لا لأنَّ مقاربة علميَّة من هذا النوع تقتضي انفصالاً عن الموضوع لا يتاح لنا في هذه القضية الراهنية فحسب، بل لأنَّنا نحاول أيضاً أن نجعل عملنا أقرب ما يكون إلى الإجراء الفينومينولوجي، والفينومينولوجيا تعترف بالوصف ولا تدَّعي التفسير.

هناك في البدء مجموعة من المقدّمات التي لا بُدَّ من أخذها بعين الاعتبار:

- أنَّ العنف حالة لصيقة بالطبيعة البشريَّة، وأساسه استخدام القوَّة لانتهاك شخصيَّة وإرغامها في الفعل والمصير أو انتزاع حقوقها وممتلكاتها، وله أشكال مرئيَّة وأخرى غير مرئيَّة.

- أنَّ الديمقراطيَّة هي النظام السياسي الذي يستغل أقلَّ من غيره من الأنظمة التي ابتدعها العقل البشري مجموع المواطنين المكوّنين للدولة، بحيث صار هذا النظام مكسباً كونيَّاً تحاول المجتمعات جاهدة أن ترتقي به إلى الإيجابيَّة الكاملة، وأساسه تحقيق المواطنة وترسيخ مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات.

- أنَّ وجود الديمقراطيَّة وعراقتها في بعض الدول لم يمنع انسياق هذه الدول إلى العنف، ممَّا يجعلنا نفكر في مدى قدرة النظام الديمقراطي على عصمة الشعوب من الإرهاب، مثلاً حين تختبر هذه الشعوب في قوَّتها وأساسيَّاتها أو تخترق في نسيجها الحضاري ونموذجها المجتمعي، وفي مدى قدرتنا على تحقيق الديمقراطيَّة والسلم الاجتماعي في البلدان التابعة اقتصادياً وعسكرياً، والمرتهنة في سيادتها.

- أن نتساءل: هل تستطيع الديموقراطيَّة، بما هي آليَّة تنظيم سياسي/ اجتماعي من جهة وبما هي مقولة حقوقيَّة من جهة ثانية، أن تضمن العدالة لإنسان عربي مقهور؟ لعلَّ من أهمِّ أسباب تفجُّر الثورات العربيَّة شعور الناس وجدانيَّاً وواقعيَّاً بالظلم. وعن هذا الإحساس بالقهر المتصاعد من جهة المحكوم والإحساس بلا شرعيَّة الاحتجاج من جهة الحاكم يخلق العنف. يطلب الأول العدالة كما يراها فيتمرَّد ويزلزل هيبة الدولة، ويطلب الثاني العدالة كما يتصورُّها، والعدالة عنده أفلاطونية الملمح، وهي وضع كلِّ أمر في نصابه المقدَّر له، وبالتالي ضرورة الضرب على أيدي المارقين عن النظام.

بعد هذه المقدّمات نتساءل: إذا كانت غالبيَّة الشرائح الاجتماعيَّة والتنظيمات الحزبيَّة والمدنيَّة تؤمن بقيمة الديمقراطيَّة وأهميتها، وتدين العنف وتلعن أنصاره، فمن أين ينبعث العنف إذا استثنينا العنف الغريزي الذي يحاول ترويضه القانون؟

الأسباب المباشرة والظّاهرة للعنف

أولاً: يأتي العنف من بعض التنظيمات الطائفيَّة أو السياسيَّة أو الدينيَّة التي لا تؤمن بالديمقراطيَّة أصلاً وتعتبرها بدعة غربيَّة مضلة، فتكرِّس نفسها لمحاربتها وترفع شعارات من شأنها أن تثير العنف، شأن بعض الحركات الإسلامويَّة المتطرِّفة التي تعلن شعائر تطبيق الحدود والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتلزم الناس بطاعة ولي الأمر، ولعلَّ المرأة نموذج مثالي للعنف المسلط من قبل هذه الجماعات في قهرها جسديَّاً أو نفسيَّاَ (الضرب، اللباس، الهجر...). والديمقراطيَّة عند هذه التنظيمات مرفوضة؛ لأنَّها نظام سياسي يؤسِّس لحكم الشعب، بينما تؤمن التنظيمات المتطرِّفة عقائديَّاً بحاكميَّة الله، والإشكال أنَّ هذه الجماعات المتطرِّفة تلتقي في عنفها مع قواعد متصلّبة لأحزاب دينيَّة سريَّة أو معترف بها، وكلّها تنتمي بشكل صريح إلى مجتمع ذكوري بدوي التصوُّر، له استعداد للقتل في سبيل ما يراه قضيَّة نبيلة (Cause noble)، ويعلن الجهاد والحرب المقدَّسة على «الطاغوت»، فهم أناس دوغمائيُّون معرفيَّاً يعتقدون بامتلاكهم الحقيقة واحتكارهم سبل الهدى، وهم متعصِّبون أخلاقيَّاً لا يؤمنون بفكر التسامح وقبول المختلف.

ثانياً: هناك عنف الدولة، وهو عنف تحاول بمقتضاه محاربة ما تضعه في خانة الإرهاب، فتجعل عنفها قانونيَّاً شرعيَّاً غايته فرض النظام، إلا أنَّ عنف الدولة بعد الثورات العربيَّة تحرَّك بدافعين:

- دافع شعوري واع، هو الامتثال لمبادئ الحكم الجمهوري ومواجهة المخالفين للقانون والمتمرِّدين على النظام بقوَّة تحفظ السلم الاجتماعي.

- دافع غير واع، لفرض هيبة الدولة بالعنف وعلويَّة السلطة الرسميَّة بالقهر استرجاعاً لدور الأمن في دولة البوليس، والعهد بها ليس ببعيد.

هذا العنف يلتقي بعنف بعض الأوليغارشيات الرأسماليَّة التي تخشى من كلِّ تمرُّد شعبي يرهق امتيازاتها ويهدِّد استقرارها الاقتصادي، فيكون مسلطاً رأساً على الطبقات المهمَّشة، وتختار من بين من وظَّفَتهم سابقاً كجنود خفاء، أكباش الفداء.

ثالثاً: هناك عنف الأحزاب والتنظيمات التي مازالت تتشرَّب نسغ النظام الشمولي القديم، وهي أحزاب وتنظيمات اجتمعت من شظايا النظام السابق وتحاول الدخول إلى اللعبة الديمقراطيَّة بلباس يغطِّي سوءاتها، وهي أحزاب وتنظيمات ترفع شعارات الديمقراطيَّة في أركانها الصوريَّة المألوفة: انتخابات حرَّة وسريَّة يتساوى فيها المواطنون، حكم الشعب بالطريقة التمثيليَّة، حريَّة الرأي والتنظيم وإنشاء الأحزاب والجمعيَّات، الفصل بين السلطات، والمطالبة بالانضواء تحت لواء المواطنة، وجعل العلاقات الحقوقيَّة بين الأفراد والدولة وبين الأفراد والأفراد العنصر الرئيس في العيش المشترك، والمناداة بالتداول على السلطة في الفضاء العام...، كلُّ هذه القواعد توظِّفها لصالحها من خلال تأكيد حقِّها في اللعبة السياسيَّة وإدانة الإقصاء والإيمان بحريَّة الرأي والاعتقاد، وجعل صناديق الاقتراع هي الفيصل في الحكم لها أو عليها. والإشكال أنَّ عنف هذه الأحزاب والتنظيمات هو عنف إداري، بمعنى أنَّ الإرهاب الذي تمارسه يستشري في مفاصل الدولة، وله القدرة الصامتة على شلِّ حركتها أو تعطيلها، فهو من نوع العنف اللامرئي الذي ينهك قوى الدولة وقوى المواطنين. وعنف هذه الأحزاب والتنظيمات يزداد ويتضخَّم بانضواء كثير من المارقين عن القانون والمجرمين السابقين تحت عباءة أحزاب سياسيَّة معترف بها، بل يقدِّم بعض هؤلاء أنفسهم في لبوس شخصيَّات جديدة لها ماضٍ نضالي ـ يا للسخرية! ـ في مقاومة الفساد.

رابعاً: هناك العنف الإجرامي الذي يتضخَّم بتفكُّك أجهزة الدولة وخلخلة نسيجها الردعي واستشراء التخريب وتفشي كلِّ أنواع الجريمة، لا سيَّما بعد فرار قطاع واسع من المساجين إبَّان الثورات وخروج العديد منهم في مناسبات عفو وسراح شرطي، فضلاً عمَّن شمله العفو التشريعي ولم يكن له في النضال ناقة ولا جمل.

خامساً: في المجتمع الرأسمالي، حيث اللّيبراليَّة المتوحشة آخذة بنصيب وافر من مصائر الناس وحيواتهم تصبح القيمة العليا هي السوق، ويصبح كلُّ شيء قابلاً للعرض والطلب والترويج والاستهلاك حتى الإنسان. وأكثر ما ينتهك في الإنسان جسده. يمسي الجسد عرضة للانتهاك، بل يصير الجسد ساحة استعراض فلكلوري لفنون الاعتداء عليه والتمثيل به. لقد تراجعت القيم العليا التي كانت ملاذ الناس ولا مندوحة من إعادة الاعتبار لكلِّ القيم النبيلة، القيم الدينيَّة والأخلاقيَّة والقانونيَّة والاجتماعيَّة من أجل مقاومة المتوحِّش العائد، إنسان الحضارة. أخطر ما تكون الحداثة حين تكون تحديثاً بلا حداثة، حينما يصبح التطوُّر المعرفي والتكنولوجي صراطاً للهدم والقتل والفوضى، ولاسيَّما عندما تغيب الدولة وتضمر هيبتها، كما هو الشأن في البلاد التونسيَّة إبَّان الثورة.

الأسباب العميقة للعنف

لعلَّ من أول الأسباب العميقة والبعيدة للعنف، عجز الأنظمة القانونيَّة والأخلاقيَّة والميتافيزيقيَّة عن إيجاد هيبة تستطيع كبح جماح العنف الغريزي والعنف الحضاري الجديد على السواء. ولا بُدَّ من أن نعترف بأنَّ دور الأديان في هذا الزمن تقلَّص أخلاقيَّاً وقيميَّاً، حيث صارت الشحنة المعنويَّة السامية للمقدَّس الديني غير قادرة على ترويض الناس وتهذيب السلوك في أطر أخلاقيَّة كما كان الأمر في السابق، بل إنَّ الأديان تحوَّلت مع تعقُّد صور الحضارة إلى باعث من بواعث القتل والإقصاء. يصدق هذا أيضاً على القوانين الوضعيَّة والإيديولوجيَّات الأخلاقيَّة وفلسفات القيم التي لم تجد الصدى المرجو في قلب الشخص الإنساني الجديد ولا في عقله؛ لأنَّ نهم الحضارة وتسارع مغرياتها وقوة الرأسماليَّة المتوحشة، كُلُّ ذلك حال دون خضوع الإنسان لمنطق المعقوليَّة الهادئة التي تراعي توازنات العصر.

كانت دولة الاستبداد تعيق تحقق الديمقراطيَّة في البلاد العربيَّة، حيث شكَّل التحالف بين الأعمال (Business) والسياسة نظاماً فاشيَّاً غير قابل للاختراق، وبعد الثورات العربيَّة سقطت الأنظمة الاستبداديَّة ولم ينشأ إصلاح للدولة ومؤسساتها؛ لأنَّ الثورات التي تطيح بنظام أو بإيديولوجيا أو بحاكم مستبد لا تؤسِّس لديمقراطيَّة إلا إذا كان ثمَّة جهد إصلاحي وعمل تأسيسي لنظام ديمقراطي بديل، أمَّا ما حصل في الواقع فهو أنَّ الثورات أسقطت أنظمة واستبدلت مكانها أنظمة أخرى غير قادرة على الإصلاح، فوجدت الحكومات نفسها في مواجهة عنف شعبي شبيه بذاك الذي أطاح بالنظام الاستبدادي، واحتدم الصراع السياسي بين الأحزاب المتنافسة على الحكم قبل تصفية الإرث الدكتاتوري للأنظمة السابقة، فقد كان من المفروض أن تتحالف القوى التقدميَّة للقضاء نهائيَّاً على تركة الفساد، ثم تتواجه ديمقراطيَّاً للتنافس على الحكم، لكنَّ ذلك لم يحصل، بل الأنكى أنَّ بعض الأحزاب تحالفت مع رؤوس النظام الاستبدادي الفاسد لتمويل انتخاباتها وهيكلة نظامها الداخلي، فقوي الصراع بين أنصار يوتوبيا المستقبل وأنصار يوتوبيا الماضي، واشتدَّ العنف بين أنصار عدالة القصاص وأنصار عدالة التجاوز.

كان هناك أيضاً عنف شعبي ناتج عن خيبة أمل مريرة في دولة الاستقلال، هي ثورة شباب تعكس معاناته من تعليم لم يعد يمثل وسيلة للرقي الاجتماعي في السلم الوظيفي، وثورة مواطن أنهكه غلاء المعيشة وقلة ذات اليد، وثورة فرد يرى الفساد يتفشَّى والمحسوبيَّة تتضخَّم وتوريث السلطة يتأبَّد، ويرى خروقاً مخزية لحقوق الإنسان. إنَّها ثورة خيبة أمل حقيقيَّة في دولة الاستقلال التي بعد ما يربو على نصف قرن من البناء الوطني مازال أكثر من ربع الشعب التونسي تحت خطّ الفقر، فدولة البناء الوطني لم تكن دولة استبداد سياسي وغياب ديمقراطي فحسب، إنَّها أيضاً دولة الفقر والتخلُّف والغلاء والبطالة.

إنَّ الشباب الذي ثار في المناطق التونسيَّة المهمَّشة، وهي أقاليم داخلية محرومة من جُلِّ مرافق الحياة العصريَّة، هو الشباب عينه الذي أضحى أكبر مصدر للإرهاب في تونس بعد الثورة. هناك نسيج اجتماعي تمزَّق، هناك ترييف للمدينة، هناك تفاوت يتعاظم، نظام تعليمي فاشل ما فتئ يُعمِّق حمأة البطالة.

هذا الأمر الحركي الجديد اتَّصل بأمر مزمن في البلاد العربيَّة عموماً يرتبط بموضوع علاقة الفرد بالدولة القطريَّة منذ انبعاثها. لم ينظر لهذه العلاقة يوماً بعين الرضا، لا من هذا الطرف ولا من ذاك. المجتمع يرى في الدولة جهازاً مصطنعاً ومسقطاً وآلة العدوان والضيم، والدولة ترى في المجتمع رعاعاً أو أنفاراً من المتمرِّدين، وازداد الأمر سوءاً بعجز النظام الرأسمالي الناشئ عن الاضطلاع بمهامِّه، نتيجة إحساس المواطن بأنَّ الرأسماليَّة ليست إلا الوجه الآخر للاستعمار الذي بالكاد فكَّ ربقته، فأدَّى كلُّ ذلك إلى صراع عميق بين الدولة والمجتمع، انتهى بهيمنة هذه الدولة على الشأن العام ومحاصرتها للشأن الخاص.

ثار الجميع، ولكنَّهم لم يجدوا شيئاً ممَّا ثاروا عليه. لم تقدِّم لهم الدولة ولا النخب المتصدِّرة للمشهد السياسي البديل الذي بحثوا عنه، وظهرت التنظيمات الدعويَّة والإرهابيَّة لتحتضن هذا الشباب التائه واليائس، فقوي جنب العنف، بل وأمست البلاد من أكبر البؤر المصدِّرة للشباب المتعطِّش للقتل.

تاريخياً، عندما جاء الإسلام حاول عن طريق مشروعيَّة السيادة العليا للدين أن يحاصر العنف، وعوَّض مفهوم العصبيَّة القبليَّة بمفهوم الأخوَّة الدينيَّة والأمَّة الإسلاميَّة. لكنَّ هذه الأخلاقيَّة الدينيَّة بدأ يأخذ منها الوهن منذ توفي النبي، ولم تستطع أن تمسك بعقال العنف القبلي الذي طفا إلى السطح من جديد، والتزمت الدولة الناشئة بضبط هذا العنف من خلال القوَّة وسيادة القانون. وظلّت الدولة تتحكَّم في بواعث الفتنة والتوتُّر مادامت تحتفظ بسطوتها أو باحترامها لعهودها وللحدِّ الأدنى من متطلّبات الانسان، حتى إذا فقدت الدولة قوَّتها أو سلّطت على الناس ظلماً يفوق قدرتهم على الاحتمال، نجم تمرُّد من هنا وانبعثت فتنة من هناك، واهتاجت ثورة من قريب أو ظهر عصيان من بعيد، فاهتزَّت هيبة الحكم وسقطت سيادة المشروعيَّة. كانت معظم الثورات والانتفاضات تخرج تعبيراً عن الإحساس بالظلم. تنشأ حركات الاحتجاج والتمرُّد لرفع مظالم والمطالبة بحقوق. عندما ثار الناس على الخليفة الثالث عثمان بن عفان، قال له أحد الصحابة: «اعتزل إن لم تعتدل».

عندما اندلعت ثورات الربيع العربي كانت هناك دعوات لوقف الظلم وصرخات ضدَّ الانتهاكات وأصوات مبحوحة تطلب الشغل والكرامة والعدالة. في جميع العصور وعلى مرِّ التاريخ كانت الثورات في عمقها تعبيراً عن رفض الظلم والاستعباد واحتكار الخيرات ونشداناً للإنصاف والحريَّة. والديمقراطيَّة، رغم صعوبة حصر مفهومها في كلمات، فما هي إلا تجسيد رمزي على المستوى السياسي لقيمة أخلاقيَّة ثابتة هي قيمة العدالة وتمثل حقوقي معين لقيمة الحريَّة؛ الديمقراطيَّة المنشودة هي الشوق المتجدِّد للعدالة والحريَّة والكرامة، وحين رفع الناس شعار الديموقراطيَّة أثناء الثورات العربيَّة التبس المفهوم داخل الأذهان بتلك القيم التي تضرب بعمق في الوجدان والذاكرة. والعدالة بمفهومها الإسلامي تتنوَّع في دلالاتها الأخلاقيَّة من المساواة في المعاملة كقوله تعالى: «ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم» (النساء/129)، إلى معنى العدل في الحكم والقضاء كقوله تعالى: «وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل» (النساء/ 58)، إلى معنى الصدق في القول، شأن قوله تعالى: «وإذا قلتم فاعدلوا» (الأنعام/152). ومهما تباينت دلالات الكلمة فإنَّها تجتمع في النهاية عند معنى إعطاء كلِّ ذي حق حقه. وكما كان الأمر في مجتمع أفلاطون[2] فإنَّ الثقافة العربيَّة الإسلاميَّة الكلاسيكيَّة إذا دعت إلى إعطاء كلّ ذي حقٍّ حقَّه، فإنَّ ذلك يكون منسجماً مع تصوُّر تراتبي للمجتمع، حيث المرأة أقلُّ شأناً من الرجل (الزواج، الميراث، الشهادة....)، والحرُّ قبل العبد، والمسلم أولى من الذِّمي ...، ذلك أنَّ «سياق المفهوم التاريخي في حينه هو تساوي الأحرار مع ذاتهم، وتساوي العبيد مع ذاتهم، وليس تساوي العبيد والأحرار»[3].

إنَّ العدالة التي تحدَّثت عنها الثقافة الإسلاميَّة ذات بعد أخلاقي وليست ذات بعد حقوقي، العدالة صفة لشخص وليست صفة لنظام سياسي، إنَّها قيمة دينيَّة أكثر ممَّا هي مبدأ تأسيسي.

وعلى النقيض من ذلك، تأسَّس الفكر الحديث على تنظير فلسفي يوزِّع تصوُّره للعدالة وفق رؤيتين: رؤية ترى العدالة في تحقيق أكبر قدر ممكن من السعادة والمنفعة لأكبر عدد ممكن من الناس (هيوم، بنتام ...)، ورؤية ترى أنَّ أساس الأخلاق هو الحريَّة التي بها يستقيم مبدأ الواجب الأخلاقي (كانط). وفكرة العدالة هذه هي ذاتها «التي تقوم على طاعة الإنسان لقانون شارك في سنِّه في نظرية هوبز للعقد الاجتماعي، مع الفارق أنَّ الانسان الأخلاقي الحر عند كانط يتصرَّف وكأنَّه يسنُّ قانوناً للمجتمع ككل، وهذا ما يمنع حالة الحرب لا قمع الدولة المطلقة»[4]. وسوف ينقضي زمن لا بأس به قبل أن تُصاغ فكرة العدالة على قواعد المساواة الاجتماعيَّة والطبيعيَّة، ويتبلور مفهوم الحقوق والواجبات توازناً بين الحريَّة والمنفعة. واليوم لا يبدو تصوُّر العدالة منقطعاً عن تصوُّر العمل على تقليص التفاوت بين الطبقات والفئات والسهر على توزيع الفرص حسب الكفاءات والمؤهلات وبالتساوي بين الجميع. «إنَّ المنافع التي تشكّل فيما بينها الرفاه والهناء هي إلى ذلك موضوع توزيع أكثر أو أقلّ عدلاً، وأكثر أو أقلّ إنصافاً، علماً أنَّ العدالة تعرف في المجتمع الديموقراطي قبل كلّ شيء بأنَّها الاعتناء بتوزيع الثروات المنتجة والمنافع المستهلكة يكون باستمرار أكثر إنصافاً»[5].

لم تكن هناك دعوات صريحة للحريَّة؛ لأنَّ هذه القيمة لم تتجسَّد يوماً كمفهوم حقوقي، ولأنَّ الشعب لم يتمثل هذه القيمة بالمعنى المواطني، وإنَّما ظلّت دائماً من صنف القيم التي نضحِّي بها في سبيل أن نقيم الأود، وفي أحسن الأحوال، متى خُيّرنا بين الحريَّة والعدالة اخترنا العدالة، وإذا خُيّرنا بين الديموقراطيَّة مع الفوضى والاستبداد مع الأمن، اخترنا الثاني على الأولى.

إنَّنا لا نتحدث عن الحريَّة الطبيعيَّة التي كان من أشهر أصواتها صوت الفاروق عمر حين قال: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً»؟ وعبَّر عنها الشعراء بتحليق الطيور في أعالي السماء، وإنَّما نحن نتحدث عن الحريَّة كونها قيمة تُكتسب بالوعي وتُطبق سياسيَّاً واجتماعيَّاً، وهي القيمة التي نضجت في الغرب عن طريق تطوُّر الفكر الّليبرالي من الوجه الإنسي مع فلاسفة النهضة إلى الوجه النضالي ضدَّ الإقطاع والاستبداد، وقد «جمعت في ذاتها بين ديمقراطيَّة روسو ونخبويَّة فولتير واستبداديَّة هوبس»، إلى الوجه النقدي «للدولة العصريَّة المهيمنة على الأفراد والجماعات»[6]، إلى الوجه الفوضوي ضدَّ كلِّ أشكال الدولة. واليوم يتحدث المجتمع الدولي عن الحريَّات العامَّة، وهو مفهوم سليل عصر الأنوار ووليد مفهوم العقد الاجتماعي الذي حدَّد حريَّة الانسان وعيَّن واجباته. فالحريَّات العامَّة تعني «أنَّ الحريَّة لا تكون مجدية إذا تحدَّدت داخل الإنسان الفرد في المجتمع وأصبحت حريَّة خاصَّة، بل يجب أيضاً على السلط حمايتها بحماية الفرد في حياته الحميميَّة الخاصَّة وفي حياته الاجتماعيَّة العامَّة؛ وذلك لأنَّ المجتمعات المتوازنة تقوم على اتفاقات وتعاقد ودساتير وقوانين، وجميعها يتطلب كشرط أساسي وضروري أن يكون الإنسان حرَّاً في مجتمعه، حتى يستطيع أن يتعاقد ويخضع للقوانين عن وعي واعتقاد بأنَّه طرف فيها وفي تكوُّنها».[7]

إنَّ الحريَّة التي نطمح إلى تحققها في خلايا الوعي الفردي والنسيج المجتمعي لا تتعارض مع العدالة، ولا تتناقض مع الشعور بالسعادة والامتلاء بنسغ الحياة، «فعندما يرغب المشرِّع الديمقراطي في بلورة القاعدة الدستوريَّة لمجتمع جديد، فإنَّه بطبيعة الحال لا يعترضه ارتباط الحريَّة بالسعادة فحسب، ولكن تعترضه أيضاً السعادة باعتبارها غاية تكون في الآن ذاته واضحة وحتميَّة ومستحقَّة»[8].

إنَّ هذه المفاهيم الحقوقيَّة والقانونيَّة مازالت غائبة عن عموم الشعب، وهي من صنف المطالب النخبويَّة. لذلك، فأقصى ما يمكن أن نتحدث عنه في المجتمعات العربيَّة اليوم هو ما سمَّاه الباحث محمَّد وقيدي «البُعد الديمقراطي» الذي ينوس بين التحقق والإرجاء وبين القبول والإقصاء؛ لأنَّ «الشروط الخفيَّة في سيرورة البناء الديمقراطي في كثير من المجتمعات كانت تسير في الغالب في اتجاه امتناع تحقُّق هذا البناء، عكس ما توحي به الشروط المعلنة والظاهرة. وهكذا بين الرغبة في التحقيق وشروط الامتناع تجد كثيرٌ من المجتمعات ذاتها اليوم في وضع متناقض بالنسبة إلى بنائها الديمقراطي»[9]. ورغم أنَّ بلدان الربيع العربي لم تكن أطراً ملائمة أو فضاءات مهيَّأة لتحقق الديموقراطيَّة، فإنَّ هذه الديموقراطيَّة لا بُدَّ أن تُنجَز وتصير جزءاً من طموحاتنا وكينونتنا بالتدريج. لن نقول ما كان يردِّده معظم الزعماء العرب في القرن الماضي إنَّ الشعب غير مؤهَّل بعد لتقبُّل الفكر الديموقراطي، وإنَّما سنقول إنَّنا لا بُدَّ أن نشرع في ترسيخ قواعد الانتقال الديمقراطي وشروطه، وهو سيرورة لا تكتمل؛ لأنَّ الديمقراطية «مثال تسعى كثير من المجتمعات اليوم إلى بلوغه»[10]، وضمن هذا السعي يكون جدل الامتناع والتحقّق وجدل الفعل والإقصاء. وإذا كانت الديمقراطيَّة مطلباً مُلحَّاً اليوم فلا بُدَّ للمواطن من أن يتمثل الأساس الحقوقي للحريَّة والعدالة، فالإيمان بالديمقراطيَّة يقتضي الاعتقاد في مبدأ المساواة بين الجميع والتشارك في قيمة المواطنة، بغض النظر عن الدين والجنس والعرق والأصل والتوجُّه الإيديولوجي، وهذا الاعتقاد سيكون طريقاً شائكة بسبب تصوُّر تراثي للعدالة والحريَّة، وهو تصوُّر يستلهم التعاليم الفقهيَّة التي تتعارض جوهريَّاً مع المواطنة في مفهومها الحديث، وتفترض التساؤل عن مقدار استعداد المواطن المسلم اليوم للتغاضي عن رأي الفقه في منزلة المرأة وحقوقها، ومنزلة غير المسلم وحقوقه، وإشكاليَّات النسب والميراث والحكم، وقدرته على إعادة تأويل النصوص الدينيَّة التي يستند إليها الفقهاء في رسم معالم الحياة العامَّة والخاصَّة للإنسان في البلاد العربيَّة والإسلاميَّة، لأنَّه إن لم يحصل ذلك، ولو تدريجياً، كان هذا علامة الرفض المتبادل الذي يخلق كلَّ ضروب العنف التي نعاني منها الآن.

يتأتَّى العنف إذن من رؤيتين للعالم وفلسفتين للحق ونمطين للمعرفة، ولا مناص من العمل بجدٍّ وسلاسة على الانتقال من سُلّم للقيم مركّز على الغيب إلى سُلمّ للقيم مركّز على الإنسان والحياة، ومن المهم والحال هذه أن تتحول الحريَّة والعدالة من سياق الطوبى والفكر الأخلاقي القديم إلى عقد اجتماعي وسياسي يتأسَّس على جملة من الحقوق والواجبات التي تلزم المتعاقدين من أجل قيام دولة القانون التي تقينا العنف والفوضى والظلم. ما نشاهده من العنف في البلاد العربيَّة بعد الثورات هو إذن وليد وضع اجتماعي وتاريخي وسياسي واقتصادي وثقافي هجين، ونتيجة تصوُّرات بعيدة في الزمان والمكان وقع استحضارها وإحياؤها أيام الثورة، وهو إلى ذلك وليد تصوُّر خاص للهويَّة، لأنَّ العنف يزداد وتتَّقد حمأته عندما تصبح الهويَّة ـ دينيَّة كانت أو عرقيَّة أو غيرها- معياراً للتصنيف، ذلك أنَّ الهويَّة في الحقيقة ليست مرآة صقيلة، وإنَّما هي مُركَّبة وغنيَّة، بل هي «مُركَّب من العناصر المرجعيَّة الماديَّة والاجتماعيَّة والذاتيَّة المصطفاة التي تسمح بتعريف خاص للفاعل الاجتماعي»[11].

لقد أثيرت في تونس بُعيد الثورة قضية الهويَّة، وبقطع النظر عن افتعال هذه القضيَّة من عدمه وعن الدوافع الإيديولوجيَّة والسياسيَّة الضيقة لإثارتها، فقد كانت من بين العوامل التي ساعدت على تأجُّج نيران العنف اللفظي والمادي، وتعالت بسببها أصوات التكفير والتخوين والتجهيل. لم تكن المشكلة في الأديان ولا في الهويَّات، وإنَّما في توظيفها للحرب السياسيَّة والمصالح الذاتيَّة. وقد أشارت الباحثة الهنديَّة راما ماني (Rama Mani) إلى أنَّ الصراعات التي تمزِّق العالم سببها الإنسان، وليس الدين أو الهويَّة، كما أشارت إلى ما أصاب روح الأديان من تحريف، فقد تمَّ «ليُّ عنق هذه الرسالة المؤسّسة للوحدة، فوقع تكريس التعدُّد الذي أدَّى إلى الإلغاء والقهر»[12]. فإذا كان لا بُدَّ من طرح قضية الهويَّة فلا مهرب من أن نبرهن على أنَّ الهويَّة متعدّدة ومُركَّبة وغنيَّة، «والاعتراف بالهويَّات المتعدّدة في العالم كلّه، والتي تتجاوز الانتماءات الدينية حتى بالنسبة إلى أناس شديدي التدين، يمكن ببساطة أن يغير من العالم المضطرب الذي نعيش فيه»[13].

على سبيل الخاتمة

إنَّ الإنسان ذا البعد الواحد[14]بتعبير هربرت ماركيوز هو عدو المجتمع المفتوح[15]بتعبير بوبر. حين يرتهن الإنسان بالواحديَّة في المنظور والحقيقة والهويَّة والأهواء، حين نعتقد أنَّنا لم نقترف ذنباً إذ نصنِّف الناس حسب هويَّات أحاديَّة محدَّدة دينيَّة أو فكريَّة أو عرقيَّة أو جنسيَّة، نسقط في شرك العنف. حقيقة الإنسان أنَّه كائن الأبعاد في تصوُّراته وهويَّته ومعايير إنِّيته، في السياسة والمجتمع والثقافة والذوق والاقتصاد. لكلِّ امرئ عوالم مختلفة تؤسِّس لذاته المتكثرة، وكلُّ محاولة لحصر هذه الذات في بوتقة ضيقة تنتهي إلى الإقصاء فالعنف. أعمق ما في الديموقراطيَّة أنَّها مُتأسِّسة على قيمة الحريَّة، حريَّة الاعتقاد وحريَّة الضمير وحريَّة التعبير والعمل، وأعمق أعماقها الوقوف جميعاً على قدم المساواة أمام ما بنيناه سويَّاً، وهو القانون. القانون الذي يدعم المواطنة ويحقّق العدل، لا القانون الذي ديدنه تركيع الناس وتجويع الناس وإذلال الناس. حينما تتحقّق المقاصد الأبديَّة، وهي مقاصد خير الإنسان وسعادة الإنسان وأمن الإنسان، ينتفي العنف ونطمئن إلى السِّلم الجماعي.

[1] - مجلة يتفكرون العدد 10

[2] ـ التصوُّر الإغريقي للعدالة أساسه قيام كلّ فرد بما هو موكول إليه في المنزلة التي هو مخلوق فيها ولها بحسب مراتب النفس البشريَّة، وذلك بشكل يكون فيه نظام النفس متسقاً مع نظام الكون ونظام الدولة، وهو نظام يتأسَّس في جوهره على اللامساواة، فلا المرأة مثل الرجل، ولا العبد في منزلة الحُر.

[3] ـ عزمي بشارة، مداخلة بشأن العدالة: سؤال في السياق العربي المعاصر، مجلة تبين العدد1 المجلد الثاني، صيف 2013 ص 14

[4] ـ المرجع السابق، ص 19

[5] - Robert Misrahi Existence et Démocratie PUF 1995 p.17

[6] ـ عبد الله العروي، مفهوم الحريَّة، المركز الثقافي العربي، الطبعة السادسة 1998 ص 40

[7]ـ فتحي التريك، العقل والحريَّة، تبر الزمان 1998 تونس ص 104

[8] - Robert Misrahi Existence et Démocratie p.14.

[9] ـ محمد وقيدي، البُعد الديموقراطي، ص 91

[10] ـ المرجع السابق، ص 6

[11] ـ هذا التعريف لأليكس ميكشسلي من كتابه «الهويَّة»، والشاهد مأخوذ من كتاب علي الصالح مولى «الهويَّة...سؤال الوجود والعدم»: دراسة تحليليَّة نقديَّة لعلاقة الأنا بالآخر. نشر كليَّة الآداب والعلوم الإنسانيَّة بصفاقس، الطبعة الأولى، جويلية 2006 ص 172.

[12] ـ المرجع السابق، الهامش3 ص180

[13] ـ مارتيا صن، الهويَّة والعنف: وهم المصير الحتمي، ترجمة سحر توفيق، سلسلة عالم المعرفةعدد352 يونيو 2008 ص 87

[14] - Herbert Marcuse L’Homme Unidimensionnel Paris Gallimard1964

[15]- Karl Popper La Société Ouverte et ses Ennemis Seuil1979

يقول بوبر في مقدمة الطبعة الفرنسية: «موضوع هذا الكتاب هو المساعدة على الدفاع عن الحريَّة والديموقراطيَّة. لست أجهل شيئاً من صعوبات الديموقراطيَّة وأخطارها المحايثة، ولكن هذا لا يقلّ شيئاً عن رأيي في أنَّها أملنا الوحيد. كثير من الأمثلة يدلُّ على أنَّ هذا الأمل ليس عبثاً.