بعد تسعين عاماً من النشأة: تحوّلات العنف عند الإخوان المسلمين


فئة :  أبحاث محكمة

بعد تسعين عاماً من النشأة: تحوّلات العنف عند الإخوان المسلمين

الملّخص:

مرّت جماعة الإخوان المسلمين بعدّة تحوّلات على مستوى الفكرة التي طرحها المؤسّس الأوّل حسن البنا وعلى مستوى التنظيم أيضاً الذي أسّسه في نهاية العشرينيّات من القرن الماضي فيما يتعلّق بتأسيس العنف وتصديره لكلّ جماعات الإسلام السياسي.

وتعبّر تحوّلات جماعة الإخوان عن رؤاها التي رصدها المراقبون على مدار عقود النشأة ورسّخها «البنا» في أكثر من سياق فكري وتنظيمي وتنظيري معاً، غير أنّ سياقات الزمن كشفت بشكل جليّ بعد مضي أكثر من تسعين عاماً على النشأة تطوّر هذه التحوّلات من مربّع التطرّف إلى مربّع التطرّف العنيف، ومن مجرّد ممارسة العنف إلى تصديره لغيرها من الجماعات والتنظيمات الدينيّة، حتى أصبحت الجماعة بوقاً للعنف مثلّته عدّة أذرع عسكريّة مسلّحة خلال تسعة عقود.

وكان «التنظيم» أذكى من أن يقدّم نفسه على أنّه مجرّد جماعة «جهاديّة»، خشية أن يتمّ اختراق الفكرة وتفكيكها كما وقع الأمر مع كلّ الجماعات المسلحة، فاتجه لخطابين؛ أحدهما «دعوي» خاطب فيه العامّة ونفى عن نفسه أيّ علاقة بالعنف من قريب أو بعيد، وخطاب «جهادي» عبّر من خلاله عن القناعات والأفكار الخاملة التي تدعو للقتال تحت شعارات «الجهاد». وتوجّه بهذا الخطاب للنخبة التي انضمّت إليه وأسّست العمل المسلّح سواء من خلال «النظام الخاص» قديماً أو من خلال «اللجان النوعيّة» حديثاً، والأمر لم يقتصر على مصر، فإخوان الخارج حملوا السلاح في عدّة عواصم عربيّة، بما يُؤكّد ما أشرنا إليه من أفكار كانت بمثابة عقيدة راسخة في سياق استخدام العنف.

ولم تجد جماعة الإخوان صعوبة في تشكيل الخلايا المسلّحة بمصر والتي أنشئت على خلفيّة ثورة 30 يونيه 2013، واكتفت فقط باستدعاء الأفكار التي شكّلت وجدان كلّ الإخوان بلا استثناء، فقرارها بتشكيل هذه الخلايا لم يكن مفاجئاً ولم يحمل أيّ جديد، غير أنّه ترجم الأفكار القديمة وبحث لها عن مساحة أكبر للعمل، وهو سرّ دهاء التنظيم الذي نجح في إخفاء أفكار كثيرة واستدعى أخرى لم يكن يلمسها قطاع كبير من الناس.

ولم يكن الأمر الأخطر في ممارسة الجماعة للعنف، وإنّما في توفير حواضن العنف من خلال الأفكار المؤسّسة للتطرّف التي صاغتها في بواطن الكتب ووضعتها على أبواب الشوارع والأزقة للمارّة من كلّ الجماعات والتنظيمات التي نشأت بعدها، وبخاصّة من يبحثون عن انتماءات أيديولوجيّة[1]، فضلاً عن توفيرها الملاذ للأفكار والأشخاص الذين يمارسون العنف، فأصبحت مشجعاً على العنف ومهيّئاً لبيئته، وأطلقت خطابين أحدهما عام والأخر خاص لا يطلع عليه إلّا من انتسب إليها وآمن بفكرتها حتى لا يخرج عليها متمرّداً أو رافضاً لها، فاختبأت وراء خطابها الدعوي بينما كانت تمارس العنف وتغذّيه.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو  الضغط هنا


[1]ـ انضمّت مجموعات كبيرة من الشباب في فترة التسعينيّات من القرن الماضي لجماعة الإخوان المسلمين في سياق بحثهم عن انتماء أيديولوجي، حيث غلب على قطاع كبير من الشباب في هذه الفترة الزمنيّة الانتماءات الأيديولوجيّة في ظلّ مرحلة الانفتاح التي قادها الرئيس الأسبق محمّد أنور السادات، والتي تلت مرحلة «الناصريّة» وحلّ الأحزاب ومنع تشكيل الجماعات والتنظيمات الدينيّة.