فِي انْتِظَارِ الْوُصُولِ إلى نَظَرِيَةٍ عِلْمِيَّةٍ، مُوَحِّدَةٍ، وشَامِلَةٍ لِكُلِ شَيْءٍ: الْأَمَلُ الْعِلْمِيُّ الْوَشِيكُ لِسْتِيفْن هَوكِينْغ، والاِسْتِحَالَةُ الْحَالِيةُ لعَابِد پِيرَالِي

فئة :  ترجمات

فِي انْتِظَارِ الْوُصُولِ إلى نَظَرِيَةٍ عِلْمِيَّةٍ، مُوَحِّدَةٍ، وشَامِلَةٍ لِكُلِ شَيْءٍ:  الْأَمَلُ الْعِلْمِيُّ الْوَشِيكُ لِسْتِيفْن هَوكِينْغ، والاِسْتِحَالَةُ الْحَالِيةُ لعَابِد پِيرَالِي

فِي انْتِظَارِ الْوُصُولِ إلى نَظَرِيَةٍ عِلْمِيَّةٍ، مُوَحِّدَةٍ، وشَامِلَةٍ لِكُلِ شَيْءٍ:

الْأَمَلُ الْعِلْمِيُّ الْوَشِيكُ لِسْتِيفْن هَوكِينْغ، والاِسْتِحَالَةُ الْحَالِيةُ لعَابِد پِيرَالِي

تأليف: سْتِيفْن هَوْكِينْغ[1] وعابد پيرالي[2]

تقديم وترجمة: الدكتور أحمد فريحي[3]

تقديم:

نعرضُ في هذه التَّرجمة نصين: الأولُ لعالم الكونيات ستيفن هوكينغ، والثاني للكاتب والباحث المهتم بالكونيات عابد بيرالي. فالأول يتشبَّثُ بالعلم، ويدير ظهره للدين وللميتافيزيقا، ويعدّ مشروع الوصول إلى نظرية علمية شاملة قابلا للتحقق من خلال التَّطور العلمي الرَّاهن؛ والثاني يراهنُ على العلم كذلك؛ لكنَّه يعدّ مشروع الوصول إلى نظرية علمية موحدة وشاملة يتطلبُ فهمَ العديد من النَّظريات والمفاهيم العلمية، ولا يمكن الوصول إلى حقائق علمية من دون ميتافيزيقا، ومن دون ما هو خارق للطَّبيعة. فإذا كان كلُّ واحد منهما يقر بالنِّسبية في فهم الكون، فإنَّهما يختلفان في مدى هذه النِّسبية، لقد كان ستيفن هوكينغ يتوقع موعد الوصول إلى نظرية شاملة لكلِّ شيء في عشرين سنة، قابلة إلى التَّمديد لعشرين أخرى، ويراهن على ما ستتوصل إليه نتائج مصادم جنيڤ النَّووي العظيم، وقد توقع حصول ذلك في عشرين سنة بعد المحاضرة التي ألقاها سنة 1980 بجامعة كمبريدج، وعند قروب نهاية العشرين سنة توقع حدوث ذلك في الكلمة الَّتي نترجم نصها سنة 1998، لكنَّه توفي عند نهاية العشرين سنة في 2018، توفي وفي خياله ذلك الحلم العلمي الموعود دون أن يتحقق. أما عابد پيرالي، فيعتقد أن الوصول إلى تلك النظرية ضرب من المستحيل في المرحلة الحالية، وقد يستغرقُ الوصول إليها ليس عقودا أو قرونا، بل ألافا من السِّنين. لذلك، انتقد عبارة "نظرية لكلِّ شيء"، واقترح استبدالها بعبارة "النَّظرية الأولى لكلِّ شيء"، لأنَّنا ما زلنا في بداية المعرفة، ولم نصل إلى نهايتها بعد، وينتظرنا فهم العديد من النظريات والمفاهيم القائمة، والَّتي حددها في أكثر من سبعين نظرية ومفهوم. لقد كان ستيفن هوكينغ يعتبر فك ألغاز الكون ممكنًا، وحلمًا وشيكا، ولا يتطلب سوى الانتظار، على الرَّغم من أنَّه اقترح أن لا حدود للعالم. أما عابد بيرالي، فيعتبره مبتغى بعيد المنال، وصعب التَّحقيق في مرحلتنا الحالية الَّتي لا تتطلب فهم النَّظريات والمفاهيم الكثيرة فحسب، وإنَّما تتطلبُ فهم فهمنا ووعينا أولا وقبل كلِّ شيء.

قد نلمس في تصور ستيفن هوكينغ نوعا من التَّسرع والعجلة، ما دامت أليات العلم الرياضية قابلة لصياغة نظريات قد تحقق ذلك على المستوى النظري والصُّوري، ليتم انتظار تحققها بواسطة التجارب؛ وفي المقابل، نلمس في تصور پيرالي نوعا من التأني والحكمة؛ مع العلم أنَّ ستيفن هوكينغ عالم ورائد من رواد العلم المعاصرين الكبار، وعابد پيرالي مجرد باحث علمي في الكونيات، وكاتب في المجال العلمي.

ومُجمَل القول، فإنَّ كلا التَّصورين العلميين للكون: التَّصور العقلي المجرد (الرِّياضي)، والتَّصور المادي الميكانيكي (الفيزيائي)، قد يوهما العالِم بأنَّ الكونَ برمته يقبل التَّفسير والفهم في مجمله. لكن الكون، في الواقع، ليس مجرد أجزاء معلومة داخل ألة كبرى محددة المعالم، ولا مجرد ظواهر يمكن تفسيرها، وفهمها بالفيزياء، أو اختصارها في صياغات على شكلِ معادلات رياضية، وإنَّما هو أعقدُ من ذلك بكثير؛ إنَّنا نحتاج أولا إلى فهم فهمنا للعالم، وتحليل ظاهرة وعينا أولا؛ ومنظار الفيزياء، وإنْ كان بالغَ الأهمية في النَّظر إلى الكون، ونراهن عليه في الحسم، فإنَّه لا يكشف لنا سوى الجانب المنظور، الَّذي يصلُ إليه مدى العدسة، وبذلك يبقى قاصرا عن معرفة حدوده البعيدة واللانهائية، وتظلُ هذه الحدود مجهولة طالما لم يصل إليها مدى العدسة؛ فمادام المتناهي في الصِّغر في الكون غير محدَّد، وما دام المتناهي في الكبر فيه لم يعرف مداه بعد، فإنَّ لغز الكون يبقى، وسيبقى محيِّرا. وحتَّى لو فهمنا العالم بما فيه، وإنْ كان ذلك صعبا للغاية، فإنَّ فهمنا لأنفسنا سيظل مطلبا مُلحاً، وهو المطلب الأصعب على الإطلاق. وعليه، فهلِ انتهينا من فهمنا لأنفسنا أولا، لنفهم فهمنا للعالم ثانيا، ولنفهم العالم ثالثا!؟

للاطلاع على الملف كاملا المرجو الضغط هنا

[1] - Stephen Hawking (1942-2018)، عالم فيزياء نظرية، وعالم في الكونيات إنجليزي، اشتهر بنظرية لا حدود الكون، وببحثه عن نظرية شاملة لكل شيء، وبأبحاثه في الثقوب السوداء، وفي الديناميكا الحرارية، وفي مفهوم الزمن.

[2] - Abed Peerally، باحث أكاديمي رفيع المستوى، اقتصر في كتاباته على علم الكونيات، حاصل على الدكتوراه من جامعة مانشستر سنة 1968، له عضويات في الكثير من المنظمات العالمية في البحث العلمي، وعلى رأسها الأكاديمية العالمية للعلوم، والمنظمة الألمانية للتبادل الأكاديمي؛ وقد شغل منصب نائب رئيس جامعة موريشيوس.

[3] - أستاذ الفلسفة، حاصل على الدكتوراه في الفلسفة من كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية التابعة لجامعة ابن طفيل، القنيطرة، المغرب.