مختلفون جميعاً في مواجهة الأمراض


فئة :  ترجمات

مختلفون جميعاً في مواجهة الأمراض

مختلفون جميعاً في مواجهة الأمراض[1]

«أولئك الَّذين يُحبَطون أو يموتون مخطئون، فالعالم يشرق من جديد دائماً؛ المفتاح هو مقاومة العواصف الرَّعديَّة، والأمراض، والشِّتاء».

هنري فريدريك أمييل henri-frédéric amiel، يوميَّات، 29 فبراير 1872.

 

لقد أفاد الانتقاء الجينيُّ من التَّفاعلات المتنوِّعة بين البشر والعوامل المُعدِيَة: الطُّفيليَّات والبكتيريا والفيروسات. وورث الإنسان العاقل بمقاومة العدوى طفرات مواتية، زادت من فرص بقائه على قيد الحياة. وتسارع انتقاء العديد من المتغيِّرات الجينيَّة منذ نهاية العصر الحجريِّ القديم، حيث ظهرت أمراض عدَّة مُعدِيَة؛ إذ سهَّل انتشارها اختلاطاً أكبر ليس بين البشر فحسب، وإنَّما أيضاً مع الحيوانات. ومارس الإنسان العاقل، بعد التَّأثير الانتقائيِّ للمناخ، ومواجهة مُسبِّبات الأمراض -الطُّفيليَّات والبكتيريا والفيروسات- ضغطاً انتقائيَّاً مهمَّاً، تتعلَّق معظم الجينات الَّتي تمَّ انتقاؤها باستجابة الجسم للالتهاب والدِّفاع المناعيِّ. والوجه السَّيِّء الآخَر، في بعض الظُّروف، دفاعٌ مناعيٌّ أفضل يزيد مقاومة العدوى، لكنَّه يمكن أن يساعد على ظهور أمراض المناعة الذَّاتيَّة، مثل أمراض الرُّوماتيزم، والرَّبو أو الحساسيَّات والأرجيات المختلفة، وحالات عدم التَّحمُّل الَّتي لوحِظَت على نطاق واسع في العالم المعاصر.

تنوُّع المواجهات بين الإنسان والميكروبات

تعني مقاومة الأمراض المُعدِيَة بالنِّسبة للإنسان العاقل؛ الاستفادة من ميزة الاختلاف الجينيِّ الَّذي يُتيح له البقاء على قيد الحياة، والإنجاب على الرَّغم من إصابته بميكروب أو بطفيليٍّ parasite. يوضح المثال الأوَّل الملاريا. فقد اكتشف الإنسان العاقل، منذ 100 ألف سنة، مناطق جديدة في شرق أفريقيا موبوءة بالفعل بالمُتَصَوِّرَة plasmodium، أو طفيليِّ الملاريا. وطوَّر مقاومة للعدوى بأكثر الأنواع شيوعاً، أو المتصوّرة المنجليَّة plasmodium falciparum، تحت تأثير متغيِّر لجين خليَّة الدَّم الحمراء أو نظام مُستضدِّ دافي darc. ومع ذلك، تؤدِّي هذه الطَّفرة الَّتي تمنح مقاومة العدوى بهذا النَّوع إلى زيادة الإحساس بالعدوى بطفيليٍّ آخَر هو المتصوّرة النَّشيطة plasmodium vivax. فالفائدة الأوَّليَّة المرتبطة بالطَّفرة يُصاحبها بعد ذلك ضرر. يتعلَّق المثال الثَّاني بالجُذام، وهو مرض مُعدٍ مرتبط ببكتيريا قضَت على الكثير من السُّكَّان، ولا سيَّما في أوروبا منذ نهاية العصر الحجريِّ الحديث حتَّى القرن السَّادس عشر الميلاديِّ. استغلَّ الأوروبيُّون انتشار طفرة الجين tlr1 الَّتي تُعزِّز المقاومة للعدوى. وقد تطوَّر هذا الجين كثيراً، ولا سيَّما في أوروبا، ويعمل بمثابة حارس يُنبِّه الخليَّة للعدوى بواسطة بكتيريا الجذام. وهذه الطَّفرة موجودة لدى أكثر من 70% من الأوروبيِّين ولدى 9% فقط من الهنود و2% من الصِّينيِّين فقط، حيث لا يزال مرض الجذام يعيث فساداً. وقد قلَّل انتشار الطَّفرة في أوربا من أشكال شديدة من الجذام، وأطلق مقاومة المرض. وقد وصفت متغيِّرات أُخرى للجين tlr1، وهي مرتبطة بقابليَّة متغيِّرة للعدوى بالسِّلِّ والأمراض المُعدِيَة الأُخرى. فالضَّغط الانتقائيُّ الجينيُّ الَّذي تمارسه الميكروبات المختلفة متغيِّر. وبالمقابل؛ سهَّلَت العدوى الطُّفيليَّة المتعدِّدة الَّتي رافقت الإنسان العاقل في نهاية العصر الحجريِّ القديم، قبل هجرته خارج أفريقيا، ظهور العديد من متغيِّرات جينات الأنترلوكين، وهي رسل كيميائيَّة للالتهاب تُسهِّل الاتِّصالات في عالم الخلايا المناعيَّة الشَّاسع.

فصيلة الدَّم ومقاومة الكوليرا

تُفسِّر مقاومة الهنود الَّذين يحملون زمرة الدَّم a، وb أو ab لعدوى الإصابة بالكوليرا بانتقاءٍ جينيٍّ إيجابيٍّ لهذه الزُّمرة الدَّمويَّة في منطقة دلتا الغانج، في الهند. وتُشكِّل زمرتا الدَّم o وa أغلبيَّة لدى سكَّان العالم، في حين أنَّ الزُّمرتين b وab نادرتان. ففي أوروبا وأمريكا؛ يحمل حوالي 45% من السُّكَّان الزُّمرة o. وأمَّا في آسيا؛ فإنَّ الزُّمرة o تسود لدى 60% من السُّكَّان. والأمر المثير للفضول أنَّه يلاحظ بشكل عامٍّ أنَّ 30% من سكَّان الهند فقط يحملون الزُّمرة o، وأنَّ هذه النِّسبة أقلُّ في دلتا الغانج. ويعود تفسير ذلك على الأرجح للضَّغط الانتقائيِّ السَّلبيِّ لأفراد الزُّمرة o الأكثر إحساساً بكثير بالإصابة بعُصيَّة الكوليرا المنتشرة بقوَّة في هذا الجزء من الهند.

تتعلَّق المقاومة أيضاً بالأمراض الفيروسيَّة؛ إذ يتيح انتقاءٌ إيجابيٌّ اكتشفه علماء الوراثة تفسيراً جزئيَّاً لآليَّات مقاومة الإنسان العاقل في مواجهة الأمراض الفيروسيَّة الَّتي تتابعت منذ عدَّة آلاف من السِّنين، الأمر الَّذي تسبَّب في ارتفاع مُعدَّل الوفيَّات. فالأنفلونزا، عندما يكون الأصل الفيروسيُّ قويَّاً جدَّاً، يمكن أن تُسبِّبَ أوبئة مع معدَّل وفيَّات يتجاوز 1%. فخلال وباء عام 2009 المرتبط بالإصابة بالفيروس h1n1؛ حدَّد علماء الوراثة متغيِّراً جينيَّاً للجين ifitm3 قادراً على زيادة مقاومة العدوى الفيروسيَّة. وينبِّه هذا الجين الخليَّة بدخول الفيروس، ويُحفِّز إنتاج الإنترفيرون، وهو مادَّة خليويَّة تُبطِّئ عمليَّة تكاثر الفيروسات. والمتغيِّر موجود في شكلين. الأوَّل: هو المتغيِّر t، الَّذي سهَّل المقاومة، والآخَر: هو المتغيِّرc، الَّذي يُقلِّل من المقاومة للعدوى. ويلاحظ لدى المرضى في المستشفيات الَّذين يعانون من الأنفلونزا الحادَّة؛ عدد أكبر من الأفراد الَّذين يحملون نسختين من المتغيِّر .c ويسهِّل المتغيِّر t نتيجة لانتقاء إيجابيٍّ تخفيضَ خطر الوفاة الَّذي يلي العدوى، على الأرجح قبل أكثر من 3 آلاف سنة.ففي آسيا؛ يحمل 30% من الأفراد المتغيِّرc، لكنَّ الحاملين لهذا المتغيِّر أكثر ندرة في أفريقيا وفي أوربا على وجه الخصوص، حيث يُمثِّلون أقلَّ من 0.5 % من السُّكَّان.

متغيِّرٌ جينيٌّ للجين المستقبِل ccr5 يُقلِّل من الإصابة بفيروس الإيدز

يتحكَّم الجين المستقبل ccr5 في إنتاج أحد البروتينات الخلويَّة الَّتي تعطي فيروس نقص المناعة البشريَّة vih القدرة على إصابة الخلايا. وقد ظهر اختلاف لهذا الجين وتمَّ انتقاؤه على الأرجح قبل حوالي 6 آلاف سنة، إذ إنَّه يحدُّ من إنتاج بروتين دخول الفيروس، ويُسهِّل بالتَّالي مقاومة العدوى. ولاحظ علماء الوراثة أنَّ 16% من الأفراد يحملون هذا الاختلاف المفيد في روسيا وفنلندا. فالانخفاض في هذا التَّوزُّع يمتدُّ من الشَّمال إلى جنوب غرب أوربا. ويلاحظ 10% من الحاملين للاختلاف في فرنسا مقابل 6% في إسبانيا وتركيا. ومع ذلك؛ فهذا الاختلاف غائب في آسيا وأفريقيا. وهو مصاحب، وفقاً للباحثين، لانتقاء مرتبط بآليَّة أكثر عموميَّة لمقاومة بعض خلايا الدَّم البيضاء ظهرت خلال وباء مُعدٍ مرتبط بميكروب مجهول، في نهاية العصر الحجريِّ الحديث.

دفاعاتُنا المتفاقِمَة: الأرجيَّات، وعدم تحمُّل الغلوتين، وأمراض المناعة الذَّاتيَّة

لقد خضع حوالي 180 جيناً، تمَّ انتقاؤها لتجنُّب اختفاء النَّوع، لانتقاءٍ إيجابيٍّ لدى الإنسان العاقل لتتيح له مقاومة الأمراض المُعدِية، ولا سيَّما الجينات المشاركة في الدِّفاع المناعيِّ، في العصر الحجريِّ الحديث، ما بين 13 ألف و6 آلاف سنة قبل عصرنا. في ذلك الوقت؛ بدأت أوبئة مُعدِيَة أكثر تواتراً تعيث فساداً بسبب الزِّيادة في الكثافة السُّكَّانيَّة، مُعرِّضةً الإنسان العاقل للالتهابات الميكروبيَّة والفيروسيَّة شبه الغائبة تقريباً في العصر الحجريِّ القديم، مثل الجدري، والحصبة الألمانيَّة، والسُّعال الدِّيكيِّ أو السِّلِّ. ومن المرجَّح أنَّ انتشار هذه الأوبئة الجديدة سهَّلَتهُ الالتهابات المزمنة المرتبطة بالطُّفيليَّات الَّتي كانت تُسهِّل الإحساس بالتهابات فيروسيَّة وبكتيريَّة جديدة. فخلال القرون الثَّلاثة الماضية؛ خلقت التَّعديلات المرتبطة باختلافات في تكوين الجراثيم المِعَويَّة؛ أي: النَّبيت الجرثوميِّ المعويِّ (الفلورا المعوية) وندرة بعض مسبِّبات الأمراض بفضل التَّقدُّم في النَّظافة الاجتماعيَّة والفرديَّة، بيئة جديدة مواتية لظهور الأمراض الالتهابيَّة المزمنة والأرجيات لدى الأفراد المحتملين وراثيَّاً. وقد حمى الإنسان العاقل نفسَه من خطر الوفاة المرتبطة بهذه الأمراض من خلال تعزيز انتقاء جينات المناعة الَّتي تُسهِّل مقاومة الأمراض المعدية. والنَّتيجة الحاليَّة؛ خلل في آليَّات الدِّفاع المناعيِّ الَّذي يُسهِّل ظهور مختلف الأمراض الالتهابيَّة وأمراض المناعة الذَّاتيَّة الَّتي تصيب بسهولة أكبر المتقدِّمين في السِّنِّ.

النَّظافة المُفرِطَة والأمراض الأرجيَّة أو الأمراض الالتهابيَّة

منذ منتصف القرن العشرين، أصبحت الأمراض الأرجيَّة أو الأمراض الالتهابيَّة المزمنة - مثل الرَّبو، ومرض كرون maladie de crohn (مرض التهاب الأمعاء)، والأكزيما- أكثر شيوعاً في العالم الصِّناعيِّ. وقد اقترح ديفيد ستراكان david strachan فرضيَّة النَّظافة المفرطة لشرح خلل في دفاعاتنا يُسهِّل تكرار ظهور مظاهر الأرجية. بالنِّسبة لمتخصِّصي المناعة؛ يرتبط هذا الخلل باستجابة مُفرطة لدفاعاتنا تُسمَّى th2 تُسهِّل الأرجية على حساب الاستجابة المناعيَّة th1 الَّتي يُحفِّزها الاتِّصال بالميكروبات. والخلاصة الَّتي توصَّل إليها اختصاصيُّو أمراض الرِّئة والأرجية: أنَّ القليل من الميكروبات جيِّد للصِّحَّة؛ لأنَّه يُجنِّب الخلل بين هذين النَّوعين من الاستجابات.

ليس تنوُّع التَّفاعلات بين الإنسان والميكروبات على الأرجح؛ العامل الوحيد الَّذي سرَّع الانتقاء الجينيَّ، وظهور الأمراض الأرجية والمناعة الذَّاتيَّة. ففي هذه الحالة، كيف نُفسِّر انتشار المتغيِّرات الَّتي تزيد من خطر الأمراض المزمنة؟ هذه المتغيِّرات الَّتي تمَّ انتقاؤها خلال عصور ما قبل التَّاريخ لم تُسهِّل مقاومة الأمراض الطُّفيليَّة فحسب، ولكنَّها حسَّنَت أيضاً فرص التَّكاثر، وبالتَّالي؛ بقاء النَّوع. وثمَّة مثال حديث على تأثير متغيِّرٍ جينيٍّ في خطر مرض مناعة ذاتيَّة يتعلَّق بعدم تحمُّل الغلوتين، يُسمَّى الدَّاء البطنيَّ (مرض حساسية القمح)، ويتميَّز بالتهاب سطح الأمعاء وضمورها النَّاتجين عن ابتلاع بروتين الغلوتين الموجود في القمح والشَّعير والجودر. وعدم التَّحمُّل هذا شائع جداً في شمال أوربا، حيث يصيب حوالي 1% من السُّكَّان. وينشط متغيِّر للجين sh2b3 تمَّ انتقاؤه على الأرجح قبل 1700 سنة إطلاق إشارة التهابيَّة في الخلايا اللَّيمفاويَّة؛ الَّتي تقوم مقام رجال الشُّرطة في دفاعاتنا. وقد منحت الإشارة الالتهابيَّة بالتَّأكيد ميزة ضدَّ البكتيريا المعِديَّة في العصر الحجريِّ الحديث؛ الأمر الَّذي سهَّل المقاومة ضدَّ انتشار العدوى. وقد ظهر المتغيِّر على نطاق واسع بعد هجرة الإنسان العاقل إلى أوربا، ولوحظ لدى 53% من الأوربيِّين، ولدى 2 إلى 6% من الأفريقيِّين والآسيويِّين فقط. ومع تطوُّر الزِّراعة وتناول كمِّيَّات كبيرة من الحبوب في النِّظام الغذائيِّ في العصر الحجريِّ الحديث؛ أدَّت الكمِّيَّة العالية والمنتظمة من المستضدَّات النَّاجمة عن الغلوتين إلى زيادة عدد الأفراد الَّذين لا يتحمَّلون الغلوتين. وثمَّة متغيِّر قريب، موجود في الجين atxn2، أكثر شيوعاً في أوروبا، ويرتبط غالباً بزيادة قابليَّة التَّعرُّض لعدَّة أمراض من أمراض المناعة الذَّاتيَّة، مثل عدم تحمُّل الغلوتين، والتهاب المفاصل الرُّوماتويدي، والصَّدفيَّة. وثمَّة متغيِّر آخَر يقع في مركَّب الجينات cxcl1-5 مرتبط بخطر زيادة مرض كرون والأمراض الالتهابيَّة المزمنة الَّتي تصيب الشَّباب، ولا سيَّما في أوروبا.

نحوَ وباءِ السُّكَّري

يبدأ مرض السُّكَّري لدى البالغين غالباً في سنِّ النُّضج، ويؤثِّر في نسبة متزايدة من السُّكَّان في جميع أنحاء العالم منذ 20 عاماً تقريباً. وإذا كان نمط الحياة المستقرَّة والإفراط في تناول الطَّعام يُسهِّلان مقاومة الأنسولين؛ فإنَّ علماء الوراثة حدَّدوا أكثر من 150 متغيِّراً يساهم في زيادة خطر الإصابة بمرض السُّكَّري، الَّذي يرتبط غالباً بزيادة الوزن. وهذه المتغيِّرات، المتكرِّرة في أفريقيا؛ نادرة في أوروبا وآسيا. والأنسولين له تأثيرٌ إيجابيٌّ من خلال تسهيل تخزين الطَّاقة خاصَّةً في صورة دهون خلال فترات وفرة الطَّعام. وفي المقابل؛ يمكن استخدام مقاومة الأنسولين لتعبئة الطَّاقة خلال المجاعات أو النَّشاط البدنيِّ المرتفع أو في حالة الحمل أو النَّوبات المعدية. لذلك يجب الحفاظ على توازن جيِّد بين التَّخزين وتعبئة احتياطيَّات الطَّاقة البدنيَّة. ففي نهاية العصر الحجريِّ القديم؛ أدَّت المجاعات المتعاقبة، وزيادة عدد السُّكَّان والأوبئة المعدية الَّتي ظهرت بصورة أكثر تواتراً؛ إلى ظهور متغيِّرات جينيَّة سهَّلَت مقاومة الأنسولين؛ الأمر الَّذي أتاح تعبئة أفضل لاحتياطيَّات الطَّاقة وتحسين بقاء النَّوع. وساعدت آثار المناخ البارد والتَّنوُّع الغذائيُّ شيئاً فشيئاً بسبب الهجرة خارج أفريقيا على استخدام الخلايا للجلوكوز، وانتقت بالتَّالي متغيِّرات أكثر كفاءةً مرتبطة بالحدِّ من آثار الأنسولين. يتعلَّق أحد المتغيِّرات الَّذي يرتبط بخطر الإصابة بداء السُّكَّري، والَّذي لوحِظ لدى العديد من السُّكَّان، بالجين tcf7l2. ويُقلِّل هذا المتغيِّر، الَّذي انتقاه على الأرجح فائض غذائيٌّ من الجلوكوز، من إفراز الأنسولين بعد وجبة الطَّعام، ويزيد من خطر الإصابة بداء السُّكَّري. ووفقاً لإحدى الفرضيَّات الَّتي تُسمَّى 'جينات الاقتصاد'؛ تمَّ انتقاء متغيِّرات خلال نوبات المجاعات والالتهابات في العصر الحجريِّ القديم من خلال المساعدة على بقاء الأطفال، وبالتَّالي على تحسين تكاثر النَّوع. ومع ذلك؛ تناقض ملاحظات علماء الأنثروبولوجيا هذه الفرضيَّة إلى حدٍّ كبير، وتتيح في أكثر الأحيان المجال للمصادفة لشرح ظهور هذه المتغيِّرات الجينيَّة؛ الَّتي لوحِظَت في كثير من الأحيان لدى السُّكَّان المعزولين. وتتعلَّق المتغيِّرات الأكثر شيوعاً اليوم بمقاومة الأنسولين الَّتي ورثناها عن أسلافنا من الإنسان العاقل في العصر الحجريِّ القديم. فهذه المتغيِّرات، الَّتي كانت مفيدة آنذاك، والَّتي سهَّلَت البقاء على قيد الحياة أثناء زيادة تعبئة احتياطيَّات الطَّاقة الجسديَّة، أصبحت ضارَّة في الوقت الحاضر؛ حيث أصبح الإفراط في تناول الطَّعام دائماً لدى جزء كبير من السُّكَّان، وسهَّلت مقاومة مزمنة للأنسولين ستؤدِّي إلى مرض السُّكَّري في بضع سنوات.

السُّكَّان المعزولون والخطر الوراثيُّ لمرض السُّكَّري

ينحدر هنود بيما pima في أريزونا من هجرة أفراد مكسيكيِّين قبل 30 ألف سنة. والأمر المثير للفضول أنَّ هذه المجموعة العِرقيَّة هي الوحيدة في الولايات المتَّحدة، حيث يلاحظ مريض بالسُّكَّري تقريباً من كلِّ اثنين في عمر 40 سنة. وقد بدأ وباء مرض السُّكَّري هذا في ثلاثينيَّات القرن الماضي، وبلغ حدَّه الأقصى بعد عام 1965. فبعد التَّغييرات الَّتي طرأت على الممارسات الزِّراعيَّة واعتمادها على الغذاء الغربيِّ؛ شهدت هذه المجموعة العِرقيَّة الغربيَّة انفجاراً لمرض السُّكَّري. ويملك هنود بيما متغيِّراً نادراً من الجين abcc8، الَّذي تمَّ انتقاؤه على الأرجح عن طريق الصُّدفة، والَّذي حُفِظَ لدى هذا العِرق المعزول، الأمر الَّذي سهَّل مرض السُّكَّري وزيادة الوزن. وقد لوحظ مثال آخَر لمتغيِّر نادر في غرينلاند، حيث يظهر استعداد للإصابة بمرض السُّكَّري لدى حوالي 20% من السُّكَّان. وقد تمَّ انتقاء متغيِّر للجين tbc1d4 لدى جماعة سكَّانيَّة معزولة جغرافيَّاً اكتشفت في القرن السَّادس عشر، يعود أصلها على الأرجح إلى الإسكيمو قبل 50 ألف سنة. ويطلق هذا المتغيِّر ارتفاع السُّكَّر في الدَّم، ويرفع خطر الإصابة بمرض السُّكَّري إلى عشرة أضعاف.

ارتفاع ضغط الدَّم وأمراض القلب والأوعية الدَّمويَّة

يصيب ارتفاع ضغط الدَّم 30% من السُّكَّان في جميع أنحاء العالم، ويُشكِّل أحد مخاطر الوفيَّات الرَّئيسة بسبب مرض قلبيٍّ وعائيٍّ. إنَّه مرض قابل للتَّوريث، وقد حدَّدت الكثير من الدِّراسات الجينيَّة متغيِّرات تزيد من خطر ارتفاع ضغط الدَّم. وقد تمَّ انتقاؤها منذ حوالي 200 ألف سنة، قبل هجرات الإنسان العاقل من أفريقيا.ففي موطنه الأصليِّ من الغابات الرَّطبة والحارَّة؛ كان الوارد من الملح الغذائيِّ منخفضاً. ومع ذلك، إذا حبست الكِلية المِلح؛ فإنَّها تحبس الماء، وتحافظ بالتَّالي على ضغط الدَّم حتَّى في حالة نقص الماء. فعندما هاجر الإنسان العاقل، وأصبح صيَّاداً-جامعاً للثِّمار، استهلك الكثير من الطَّاقة، وسهَّل الضَّغط المرتفع إمدادَ أعضاء الجسم بالأكسجين. ففي المناخ الأصليِّ الحارِّ؛ سهَّل التَّعرُّق خسارة الماء وانخفاض حجم الدَّم، وأدَّى إلى انتقاء الإنسان العاقل المتغيِّرات الَّتي تُسهِّل ارتفاع ضغط الدَّم مثل الأنجيوتنسين؛ أي: المتغيِّر agt. ويُسهِّل جين آخَر؛ أي: cyp3a5، عمل الألدوستيرون، وهو هرمون يتحكَّم في احتباس الملح داخل الجسم. فعندما نلاحظ توزُّع متغيِّرات هذه الجينات؛ نجد أنَّه يرتبط بخطِّ العرض. فالمتغيِّرات الَّتي تُسهِّل ارتفاع ضغط الدَّم أكثر شيوعاً في المناطق الاستوائيَّة الحارَّة، بينما تتوزَّع تلك الَّتي لها تأثير معاكس في مناطق ذات مناخ أكثر برودة. وهكذا؛ ترتبط متغيِّرات الجينَين agt وcyp3a5 بارتفاع خطر ضغط الدَّم الَّذي يوجد لدى 70% من الأفريقيِّين، لكنَّها أقلُّ شيوعاً بمرَّتين إلى ثلاث مرَّات في أوربا وشمال شرق آسيا.

فرط الكوليسترول: تراث الماضي؟

يعلم الجميع عامل الخطر الرَّئيس لأمراض القلب والأوعية الدَّمويَّة: فرط الكوليسترول. ومعدَّل نسبة الكوليسترول في الدَّم لدى الإنسان هو الأعلى لدى معظم الثَّدييَّات. وهذه الزِّيادة ناتجة عن انتقاء عدَّة جينات يعود إلى 50 ألف سنة. وقد لاحظ علماء البيولوجيا وجود علاقة بين مستويات الكوليسترول في الدَّم وعدد البلاعم في الأعضاء؛ أي: الخلايا الَّتي تحارب الجراثيم أثناء العدوى. وعندما هاجر الإنسان العاقل، وواجه تزايد الأوبئة المعدية، طوَّر دفاعاً متزايداً ضدَّ الميكروبات. والوجه السَّيِّء لهذا التَّطوُّر في العصر الحاليِّ - حيث يكون الطَّعام غنيَّاً بالدُّهون، لا سيَّما الدُّهون الحيوانيَّة- هو أنَّ تأثير البلاعم المحرِّضة على الالتهاب يُسهِّل تصلُّب الشَّرايين: تؤدِّي إصابة تدريجيَّة للشَّرايين إلى احتشاء عضلة القلب والسَّكتات الدِّماغيَّة.

ثمَّة اختلافٌ جينيٌّ صغير بين البشر والشَّمبانزي يشرح على ما يبدو أنَّ الإنسان مُعرَّض مقارنةً بابن عمِّه القريب إلى خطر متزايد لتصلُّب الشَّرايين، واسع الانتشار اليوم. فتعطيل الجين cmah الَّذي حدث لدى أسلاف البشر قبل حوالي 2.8 مليون سنة هو المسؤول. ويتيح هذا الجين تصنيع سكَّر معيَّن على سطح الخلايا يُسمَّى neu5gc. هذا السُّكَّر موجود لدى معظم الثَّدييَّات، لكنَّه شبه غائب في الخلايا البشريَّة. فلماذا حدثت هذه الطَّفرة لدى أسلافنا؟ على الأرجح عن طريق المساعدة على البقاء على قيد الحياة في وجه عدوى ميكروبيَّة حادَّة استخدمت هذا السُّكَّر بوَّابة للدُّخول إلى الخلايا، وفقاً لآجيت فاركي ajit varki، عالم البيولوجيا في جامعة لا جولا la jolla في كاليفورنيا. ومع ذلك؛ تؤدِّي ميزة الأسلاف هذه إلى نتائج ضارَّة لدى الإنسان المعاصر، تزيد من خطر تصلُّب الشَّرايين. والواقع أنَّ البلاعم؛ أي: الحرَّاس في جهاز مناعتنا، لديها سلوك مُحرِّض على الالتهابات أكثر وضوحاً عندما تُصادف خلايا تحمل هذا السُّكَّر الَّذي يُعتَبر الآن جزيئاً غريباً، وموجوداً في لحم العديد من الثَّدييَّات.

الاستهلاك المفرط للحوم الحمراء: خطر خاص بالبشر

هذا هو التَّأثير غير المتوقَّع لطفرة في الجين cmah ظهرت لدى البشر قبل أكثر من 2 مليون سنة. فقد أصبحت خلايانا المناعيَّة شديدة الاستجابة في مواجهة ابتلاع اللُّحوم الحمراء الَّتي تحتوي على السُّكَّر neu5gc، الَّذي يغيب اليوم عن الخلايا البشريَّة. فالإدخال المفرِط لهذا السُّكَّر في المعدة يُنشِّط البلاعم الَّتي تطلق تدريجيَّاً التهاب بطانة الأوعية الدَّمويَّة، وهو أحد الآليَّات المشارِكة في تصلُّب الشَّرايين. ويمتلك الشَّمبانزي، أقرب أبناء عمومتنا، هذا الجين النَّشِط، ومن النَّادر جدَّاً أن يُصاب بتصلُّب الشَّرايين، حتَّى عندما يكون أسيراً وخاضعاً لنظامٍ غذائيٍّ مُفرِط. فالجين cmah، الَّذي كان تعطيله مفيداً في بداية تطوُّر أسلاف البشر، يكشف اليوم عن عيبه الرَّئيس؛ عن طريق تسهيل أمراض القلب والأوعية الدَّمويَّة.

يتحكَّم الجين[2] في امتصاص الكوليسترول. وتوجد ثلاثة متغيِّرات لدى البشر تُسمَّى e2 وe3 وe4. يرتبط المتغيِّر e4 بارتفاع نسبة الكوليسترول في الدَّم، وبخطر متزايد للإصابة بمرض القلب التَّاجيِّ ومرض ألزهايمر. من ناحية أُخرى؛ يرتبط المتغيِّر e2 بمعدَّل منخفض للكوليسترول، وبانخفاض خطر الإصابة بمرض القلب التَّاجيِّ أو بمرض ألزهايمر. ويُسهِّل المتغيِّر e4، الَّذي تمَّ انتقاؤه قبل أكثر من 2 مليون سنة، امتصاصَ الكوليسترول وإنتاج فيتامين د لدى أوائل أسلاف البشر الَّذين استبدلوا تدريجيَّاً بالفواكه نظاماً غذائيَّاً غنيَّاً باللُّحوم. ويرتبط باستهلاك للطَّاقة أكثر ارتفاعاً، وتوزُّعه أكثر تواتراً لدى السُّكَّان الَّذين يعيشون في مناخٍ حارٍّ جدَّاً (خطِّ الاستواء) أو شديد البرودة (المناطق القطبيَّة)؛ حيث يوجد لدى حوالي 35% من الأفراد مقابل 10% فقط من الأفراد في المناطق المعتدلة. وكان يُقدِّم خلال آلاف السِّنين ميزة إضافيَّة من خلال تعزيز جهاز المناعة ضدَّ العدوى، وعلى الأرجح من خلال المساعدة على خصوبة النِّساء ونموِّ دماغ الأطفال. ففي العصر الحجريِّ القديم؛ أي: منذ حوالي 200 ألف سنة، ظهر المتغيِّر e3، ثمَّ المتغيِّر e2، قبل حوالي 80 ألف سنة. وأفاد هذان المتغيِّران في تقليل امتصاص الكوليسترول لدى السُّكَّان الَّذين يتغذَّون بشكل أفضل، ويتكيَّفون تكيُّفاً أفضل مع المناخ. وفضلاً عن ذلك؛ يمنع المتغيِّر e3 فقدان الطَّاقة المرتفع للغاية، الأمر الَّذي يسمح بمقاومة أفضل أثناء نوبات المجاعة. والأمر المثير للفضول؛ أنَّ المتغِّير e2 الموجود تقريباً لدى 7% من الأمريكيِّين والأوربيِّين لوحظ لدى 15% من سكَّان جنوب آسيا، حيث تمَّ انتقاؤه على الأرجح لأنَّه يوفِّر دفاعاً أفضل ضدَّ الملاريا لدى البالغين في نهاية العصر الحجريِّ القديم.

الجين apoe: ميزة الأمس وخطر اليوم

المتغيِّر e4 لهذا الجين، المهيمِن مع ذلك لدى أسلاف الإنسان العاقل، هو عامل خطر لمرض الزهايمر، وأمراض القلب والأوعية الدَّمويَّة. وكانت ميزة هذا المتغيِّر لدى الأسلاف تكمن في الفصل تسهيل استهلاك للطَّاقة أكثر كفاءةً ومستوى أعلى من الكوليسترول عند تناول طعام قليلِ الدَّسم. فبعد هجرات الإنسان العاقل وتنويع غذائه؛ تمَّ انتقاء المتغيِّرَين e3 وe2، الأمر الَّذي قلَّل من امتصاص الكوليسترول. ويحمل 15% من السُّكَّان الغربيِّين المتغيِّر e4، ولديهم خطر ظهور أمراض القلب والأوعية الدَّمويَّة أو مرض ألزهايمر أعلى بضعفين تقريباً. فلدى الإنسان العاقل في العصر الحجريِّ القديم، حيث لم يتجاوز متوسِّط العمر المتوقَّع 25 سنة، لم يُحدث خطر المرض المرتبط بفرط الكولسترول أيَّ أثر؛ لأنَّ هذه الأمراض الَّتي ظهرت في وقت متأخِّر كانت نادرة للغاية.

جينات طول العمر تحمينا

من حسن حظِّ الأفراد الَّذين يتمتَّعون بطول العمر أنَّهم محميُّون بشكل أفضل من ظهور الأمراض المرتبطة بالعمر، مثل أمراض القلب والأوعية الدَّمويَّة ومرض ألزهايمر، وهي الأكثر شيوعاً. طبعاً؛ هناك العديد من العوامل الَّتي تؤثِّر في طول العمر: النَّشاط البدنيُّ، والنِّظام الغذائيُّ، والتَّعرُّض للإجهاد الجسديِّ أو النَّفسيِّ...إلخ. ومن الجينات الأكثر ارتباطاً بميزة ارتفاع طول العمر؛ هناك الجين apoe، المشارك كما رأينا للتَّوِّ في خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدَّمويَّة. وتتدخَّل جينات أُخرى وفقاً لآليَّات لم توضح جيِّداً، منها متغيِّر للجين bpifb4. وقد أظهرت دراسة أُجرِيَت في جنوب إيطاليا أنَّ متغيِّراً لهذا الجين موجود لدى 15% من المعمرين مقابل 10% فقط لدى مجموعة سكَّانيَّة ضابطة غير معمِّرة. ويُسهِّل هذا المتغيِّر إصلاح جدار الشَّرايين وتجديده خلال التَّقدُّم في العمر، فيُحافظ على مرونتها، ويخفض الضَّغط الشِّريانيَّ. ويمكن أن يساهم تأثيره في الحدِّ من خطر الوفاة المرتبط بأمراض القلب والأوعية الدَّمويَّة، أو على الأقلِّ في التَّقليل من آثارها. فهذا المتغيِّر الَّذي اكتشفه في عام 2015 فريق فرانشيسكو فيلا francesco villa في ميلانو؛ يقوم على الأرجح بدور في 'عمر الشَّرايين'. ولكن كيف تمَّ انتقاء هذا المتغيِّر لدى الإنسان العاقل؛ بما أنَّ أمراض القلب والأوعية الدَّمويَّة تحدث في عمر مُتقدِّم؟ يمارس هذا الجين أوَّلاً دورَه في الدِّفاع المناعيِّ ضدَّ الجراثيم؛ لا سيَّما في الأنف والحلق والرِّئتين. وثمَّة متغيِّر أكثر فعاليَّة في حماية الأغشية المخاطيَّة من الميكروبات تمَّ انتقاؤه في نهاية العصر الحجريِّ القديم؛ الأمر الَّذي أدَّى إلى تحسين مقاومة الإنسان العاقل للالتهابات الميكروبيَّة. ويُسهِّل هذا الجين إطلاق المركَّبات الكيميائيَّة المشارِكة في تدمير الميكروبات، وهو فعَّال أيضاً في زيادة مرونة جدران الشَّرايين، وفي التَّكيُّف مع الإجهاد المرتبط بارتفاع ضغط الدَّم. وهنا أيضاً، كما سبق أن وضَّحنا في أمثلة أُخرى، أدَّت بالصُّدفة ميزة وراثيَّة تحسِّن بقاء الشَّباب إلى حماية شرايين كبار السِّنِّ لدى الإنسان العاقل، من خلال الحدِّ من خطر الوفاة في مواجهة أمراض القلب والأوعية الدَّمويَّة.

خاتمة

يعدُّ تأثير الوراثة الجينيَّة لدى الإنسان العاقل في ظهور الأمراض الحديثة، مثل الأرجيات والسُّكَّري وارتفاع ضغط الدَّم وأمراض القلب والأوعية الدَّمويَّة، أمراً مُركَّباً، إذ يمكن لعدَّة مئات من الجينات أن تزيد من الخطر، أو على العكس من ذلك، أن تمارس تأثيراً وقائيَّاً، لدى فرد معيَّن وفي سياق بيئيٍّ خاصٍّ به: العادات الغذائيَّة، وممارسة الرِّياضة أو حالات الإجهاد. وقد تمَّ طوال تاريخ الإنسان العاقل انتقاء عدد كبير من المتغيِّرات الَّتي سهَّلَت البقاء على قيد الحياة، لا سيَّما قبل عمر 20 سنة، في مواجهة تقلُّبات المناخ، وعدم انتظام الوارد الغائيِّ، وتعدُّد العوامل المعدِيَة. فالأمراض الحاليَّة الَّتي تؤثِّر في سكَّاننا بعد سنِّ الخمسين لا يمكن أن تؤثِّر في بقاء الإنسان العاقل في عصور ما قبل التَّاريخ. فبعض المتغيِّرات الَّتي تُعزِّز الدِّفاعات ضدَّ الجراثيم والطُّفيليَّات، أو تزيد من مقاومة الإنسان العاقل لسوء التَّغذية؛ تمارس تأثيراً يساعد على ظهور الأمراض الالتهابيَّة والأمراض المُزمِنة الَّتي تهمُّ الطِّبَّ الحديث. وهكذا تُظهِر الجينات مزاياها وعيوبها.

[1]- مقتطف من كتاب الحمض النووي الريبي، برنار سابلونيير، ترجمة محمد أحمد طجو، الصادر عن مؤمنون بلاحدود للنشر والوزيع.

[2]- (صميم البروتين الشَّحميُّ e (apolipoprotéine)، اختصاراً: apoe. المترجم).