نشأة الهرمينوطيقا


فئة :  ترجمات

نشأة الهرمينوطيقا

نشأة الهرمينوطيقا[1]

فلهلم ديلتاي[2]

ترجمة: فتحي إنقزو[3]

[317] لقد نظرنا في مقالة سابقة[4]* في تصوير التشخّص في العالم البشري مثلما يعرضه الفنّ، ولا سيما الأدب. أما في هذا المقام، فإنّا سنتولّى بسط مسألة المعرفة العلميّة بالأفراد، إلى حدّ الأشكال الكبرى للوجود البشري الفردي عامةً. فهل مثلُ هذه المعرفة أمرٌ ممكنٌ؟ وما هي الوسائل الكفيلة ببلوغها؟

إنّ هذه مسألةٌ ذات أهمية بالغة. ففعلُنا يفترض دوماً فهماً لأشخاص آخرين؛ وإنّ قسماً لا يستهان به من سعادة الإنسان إنما يتأتّى من استشعار أحوال نفسيّة غريبة. وأمّا العلمان الفيلولوجي والتاريخي فيقومان على الافتراض الذي مفاده أنّ استدراك المفرد بالفهم[5] بإمكانه أن يكتسب الموضوعيّة [التي تنبغي له]. كما أنّ الوعي التاريخي يمكّن الإنسان الحديث من أن يستحضر في نفسه ماضي الإنسانية بكلّيته: إذ يجعله يجتاز حدود زمانه الخاصّ وينفذ ببصره إلى الثقافات السّالفة؛ وهو يغنم منها القوة لنفسه ويبتهج لسحرها؛ الأمر الذي يزيد من سعادته زيادةً كبرى. وإذا كانت علوم الرّوح النسقية تستمدّ العلاقات القانونية العامّة والمجامع الشموليّة من هذا التصوّر الموضوعيّ للمفرد، فإنها أحرى أن تجد لها قاعدةً في سيرورات الفهم والتأويل. كذلك اليقين الذي لهذه العلوم، مثل ذاك الذي للتاريخ، مشروطٌ بأمر مفاده أن فهم المفرد بالإمكان رفعه إلى رتبة الصلاحيّة الكليّة. ونحن إنّما نلاقي على مشارف علوم الرّوح مشكلاً يخصّها ويفرّق بينها وبين معرفة الطّبيعة.

والحقّ أنّ هذه العلوم تستأثر بالنّظر إلى كلّ معرفة بالطّبيعة بالفضل لموضوعها الذي ليس ظاهرةً معطاةً للحواسّ، ولا مجرّد انعكاس لوجودٍ فعليٍّ في الوعي، وإنّما [318] هو الوجودُ الفعليُّ عينه المباشر والحميم، الذي يكون في مساق معيش باطنيٍّ. ومع ذلك فإنّ النّحو، الذي يُعطى به هذا الوجود الفعليّ في التّجربة الباطنيّة، يفضي إلى مصاعب شديدة بخصوص تصوّره الموضوعيّ. وليس لنا أن نقف عندها في هذا المقام. على أنّ التّجربة الباطنيّة، التي أدركُ بها أحوالي الذّاتيّة، ليس في مقدورها وحدها أن تجعل لي وعياً بفرديّتي الخاصّة. فإنّه لدى مقارنة إنّيتي[6] بالآخرين، تحصل لي تجربة بما هو فرديٌّ في نفسي؛ حينها فقط أعي ما هو في كياني الأخصّ مباينٌ للغير، ولم يكن غوته (Gœthe) لينطق بغير الحقّ حينما قال إنّ هذه التّجربة المهمّة من بين تجاربنا جميعاً شديدة العُسر وإنّ ما يخطر ببالنا عن مقدار قوّتنا وطبيعتها وحدودها يبقى منقوصاً على الدّوام. أمّا الكيان الغريب فلا يُعطى إلينا ابتداءً إلا من خارج، من وقائع الحسّ، والإشارات، والأصوات، والأفعال. ففي سيرورة إعادة البناء[7] فقط، تلك التي تتعلق ببعض العلامات التي تقع تحت طائلة حواسنا، يتم الإقبال على الباطن. كلّ شيءٍ: من المادة، والبنية، وأكثر السمات فرديةً، يتعيّنُ نقلُه من عنفوان حياتنا[8] بالذّات. ولكن كيف لوعي متشكّلٍ متشخّص أن يرفع فردانيةً مختلفةً كلّ الاختلاف إلى رتبة المعرفة الموضوعيّة؟ ما هي هذه السيرورة التي تبدو غريبةً تماماً عن سائر مسالك المعرفة؟

للاطلاع على الملف كاملا المرجو الضغط هنا

[1]- Wilhelm Dilthey, «Die Entstehung der Hermeneutik», in B. Erdmann et al., Philosophische Abhandlungen. Christoph Sigwart zu seinem siebzigsten Geburtstage 28. März 1900 gewidmet, Tübingen-Freiburg-Leipzig, J.C.B. Mohr (Paul Siebeck), 1900, SS. 185-202; rep. in Gesammelte Schriften, Bd. V, hrsg., G. Misch, 1957, 19908, SS. 317-338

[2]- مجلة تأويليات العدد2

[3]- جامعة تونس.

[4]- Sitzungsberichte d. k. Ak. D. Wiss. Z. Berlin 5. März 1896, S. 295 ff. [«Über vergleichende Psychologie: Beiträge zum Studium der Individualität (1895-96)», GS V, 273 ff.]

[5]- Nachverständnis.

[6]- Selbst.

[7]- Nachbildung.

[8]- Lebendigkeit.

[9]- Verstehen.

[10]- Auffassen.

[11]- Äusserung.

[12]- Interesse.

[13]- Lebensäusserung.

[14]- Auslegung oder Interpretation.

[15]- Auslegungskunst.

[16]- ein Seher.

[17]- allegorische Interpretation.

[18]- Logos-Theologie.

[19]- Versetzung.

[20]- sachliche.

[21]- Wiedertäufer.

[22]- Auslegung.

[23]- die grammatische Interpretation.

[24]- Psychologische.

[25]- Technische.

[26]- Automat.

[27]- Dogma.

[28]- Nachbilden.

[29]- Nachkonstruieren.

[30]- Individualität.

[31]- Nachverständnis.

[32]- Technik.

[33]- Act.

[34]- Sprachdenkmalen.