الثقافة العربية الإسلامية المعاصرة: بين أنوار الاستبداد ومقتضيات استبدال المُصلح والمواطن


فئة :  مقالات

الثقافة العربية الإسلامية المعاصرة: بين أنوار الاستبداد ومقتضيات استبدال المُصلح والمواطن

 الثقافة العربية الإسلامية المعاصرة*

بين أنوار الاستبداد ومقتضيات استبدال المُصلح والمواطن


اعتدنا الحديث عن الأنوار والاستبداد انطلاقاً من النصوص الفلسفية الغربية (كانط، ...)[1] التي تُعدّ المرجع الرئيس لمن رام النظر في علاقة الأنوار بالاستبداد، وهو ما أضفى على علاقة الأنوار بالاستبداد بُعداً نظريّاً جعلها تدور في فلك النظريات والقراءات الفكرية التي سعت إلى التخلص من سيطرة الخطاب اللاهوتي الذي لفّ الإنسان بأسيجة الدغمائية القاتلة.

إنّ هذه المرجعيات التي نزّلت - وما تزال - منزلة الأصل الذي تتفرّع عنه قضايا الأنوار والاستبداد في مشارق الأرض ومغاربها، هو ما جعل التفكير في تلك القضايا من شأن المثقفين والمصلحين، وهي رؤية نسعى إلى مراجعتها انطلاقاً من ترصد مقومات رؤية الإنسان العربي للاستبداد، لأنّ مقصدنا الرئيس من هذا المقال هو الوقوف على بعض مظاهر احتفاء العقل العربي بـ"أنوار الاستبداد" باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من حيواتنا الواعية وغير الواعية، وهي غاية تقتضي منّا تحديد المقصود بـ"أنوار الاستبداد" قبل المضي إلى تبيّن أهم مظاهرها في الثقافة العربية الإسلامية المعاصرة، وقد نفاجِئُ القارئ باختيارنا مرجعاً غير مألوف في تناول المسألة، ونعني به الكوميديا الاجتماعية، ممثلة في حلقة من الجزء الثاني من مسلسل "ضيعة ضايعة" الذي ألّفه المبدع السوري ممدودح حمادة، وأخرجه الليث حجو، وأُسندت الأدوار الرئيسة فيه إلى كلٍّ من نضال سيجري (1965م-2013 م) وباسم ياخور، وهو من إنتاج سامه للإنتاج الفني، دمشق (2010)، ففي الحلقة الرابعة، وعنوانها: "التهمة السردين":

1 ـ موقفان مختلفان من "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد"

يقضّ مضجعَ الشرطي - النظام السياسي - تداولُ أهل القرية النائية "أم الطنافس الفوقا" مناشير سياسية، وقد استطاع الشرطي تحديد مصدر تلك المناشير، فإذا هي تأتي من دكان القرية، فـ"صالح" صاحب الدكان الوحيد في القرية اعتمد تلك المناشير قراطيس يلفّ فيها علب السردين التي يشتريها أهل القرية، وينتهي التحقيق بتحديد صاحب المناشير، فإذا به رجل يحمل اسم "عبد الرحمن الكواكبي"، وتنصبّ الجهود للعثور عليه، فإذا بالشرطي يقتلع - بكلّ لطف لا يوجد إلا في بلاد العرب - اعترافاً من جميع سكّان القرية، فكلّ واحد منهم شيباً وشباباً نساء ورجالاً أقرّ بأنّه هو عبد الرحمن الكواكبي صاحب "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد".

فما هو محتوى تلك المناشير الموسومة بـ"طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد"؟ ولماذا أزعج الشرطي أنْ يتبادل الناس تلك المناشير؟ أَتراها تدعو إلى اتباع مفاسد إذا ما أتاها المواطن ارتكب المحرّمات ودنّس المقدّسات؟ أم تراها تحتوي أكاذيب من شأن نشرها تهديد الأمن العام؟

حلل الكواكبي في "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد"[2] أسباب انحطاط المجتمع العربي الإسلامي، فإذا بالأسباب عديدة ومتنوّعة، منها ما هو ديني، ومنها ما هو أخلاقي، ومنها ما هو سياسي[3]، وهي أسباب متداخلة يشد بعضها بعضاً، وهي تشكّل مجتمعة فضاءً ثقافياً واجتماعياً يقيّد الفرد ويكبّله، ويجعل منه مجرّد عنصر متأثّر بالأشياء غير قادر على التأثير فيها، وفي محيطه الثقافي والاجتماعي، ففي النصف الثاني من القرن التاسع عشر انتشرت مختلف مظاهر الانحطاط وشملت مختلف المجالات في البلاد العربية، وقد مكّن هذا التخلف الذي أسهم في إرساء أركان اللاهوت الديني في جعل الشرائح الاجتماعية مفاعيل في يد الطبقة الحاكمة التي عمدت إلى استغلال التخلف ونشره لأنّ في تعميمه ضماناً لبقائها.

وفي هذا السياق انتشر فكر ديني أسطوري مداره على فكرة الجبر التي تدفع بالعباد إلى التسليم بالموجود باعتباره تدبيراً إلهياً، الاعتراض عليه اعتراض على إرادة الله ومشيئته، فإذا بالعباد عبيد، أغنام تهوي عليها عصا الراعي/ عصا الله إذا ما فكّرت في رفع رؤوسها كي ترى نور الحياة، قدّر الله لها أن تعيش في الظلمة لا ترى إلا تراب الأرض.

ولا غرابة أنْ تطارد الأنظمة الاستبدادية عبد الرحمن الكواكبي فهو الذي شهّر بها، وما انفكّ يحرّض الناس عليها، وذلك بنشر الأراجيف التي لا صحّة لها، من ذلك أنّ هذا الرجل ما فتئ يقول في منشوراته السرّية إنّ علم السياسة يتمثل في "إدارة الشؤون المشتركة بمقتضى الحكمة"[4].

وفي ذلك تحديد للإطار الذي يجب أنْ تتحرّك فيه السلطة السياسية باعتبارها سلطة مسؤولة عن تسيير المشترك لا الفردي بين الناس، وفق ما تتطلبه مصالحهم انطلاقاً من الحكمة والعقل بعيداً عن النزوات والأهواء الشخصية والميول الذاتية، فالاستبداد من هذا المنظور هو الخروج عن الحكمة و"التصرف في الشؤون المشتركة بمقتضى الهوى"[5].

ولم يكفّ الرجل لسانه ويده، إذ ألفيناه يطالب باتخاذ الاستبداد موضوعاً رئيساً للحوار باعتباره رأس الداء وأصله، ففي أحد منشوراته التي وزّعها على أهالي قرية "أمّ الطنافس الفوقا" يكشف ما أحاط به من تضييق، وما ألحقه السياسيون به من استبداد أينما حلّ (حلب، مصر المحروسة، ...). ولعل ذلك ما دفعه إلى التعميم في نشر الأخبار، فهو لا يقصد بتلك المناشير "ظالماً بعينه[6]، وما يزيد المسألة تعقيداً أنّ مناشيره فيها نقود واضحة للحكومة التي وسمها بـ"المستبدّة"، وأسرف في الكيد لها، فلو كان اكتفاء بالحديث عن الاستبداد لقلنا - عفواً لقالوا - إنّ الاستبداد مذموم شرعاً وعقلاً، ولكن أنْ يركّز القول على الحكومة فذاك والله مؤامرة دبّرت بليل، ووراءها عدو يتربّص بالأمّة، ويغيظه ما تحققه الحكومة من نجاحات في مقاومة الأميّة وما تبذله من أعمال في سبيل تنمية ثروات الجماعة التي ضاق أفرادها ذرعاً بتكديس الأموال، فالمواطن العربي لم يعد يعبأ بسقط الحياة ومشاغلها، فولّى وجهه شطر السياسة والسياسيين يريد إفساد نجاحاتهم وتعكير صفو الحداثة والتقدّم.

عبد الرحمن الكواكبي في عُرف الشرطيّ محرّض مفسد في الأرض، وجب على الناس التبرُّؤ منه، ومقاومة ما يفعل، على هذا النحو يتضح المقصد من مطاردة رجال الشرطة للكواكبي، فهو يخوض في موضوع لا وجود له، عن أيّ استبداد يتحدّث؟

إنّه ليخترع الأكاذيب، يريد زرع الفتنة بين الناس والحكومة، بين الراعي والرعية، وما الحديث عن الاستبداد إلا مدخل من مداخل الشيطان الذي يريد إخراج الإنسان من الجنّة فيهلك، والجنّة بالنسبة إلى أهالي "أمّ الطنافس الفوقا" البقاء في حضن الحكومة العادلة الحنون، تلك هي الأسباب التي تدعو إلى ملاحقة الكواكبي صاحب المنشورات الكاذبة، ولا يستبعد أنْ يكون المدعو بـ"عبد الرحمن الكواكبي" عميلاً، فالتقارير الأمنية تفيد - والعهدة على من قال - بأنّه غادر حمص في ليلة ظلماء متجهاً غرباً، وقيل إنّه ولّى وجهته إلى القاهرة المحروسة، ولم يطل فيها مقاماً فركب النجيب قاصداً الجنوب، ولا أحد يعرف عن رحلاته شيئاً، رجل غامض الأحوال، ولكنّ المجمع عليه أنّ عبد الرحمن الكواكبي نشر "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" في مصر، ونحسب، والعلم لله وحده، أنّه كتب ما كتب بوحي من الشياطين أو بمعونة من أطراف أجنبية معادية، ذلك ما أخبر به الرواة الصدق، أمّا أنصاره فيذهبون إلى القول إنّ الكواكبي مصلح ضيّق عليه حكّام الشام، فطلب في مصر بعض الحريّة. مؤكّدين أنّ الخطاب الإصلاحي لعبد الرحمن الكواكبي قد مرّ بطورين مهمّين: مدار الأول على الاحتكاك بمشاغل الناس وقضايا المجتمع، أمّا الطور الثاني فانشغل فيه بالبحث عن حلول لقضايا الواقع العربي الإسلامي. في ما يتعلق بالأولى نزّلوا امتهانه الصحافة والمحاماة والعمل في الدوائر الإدارية للباب العالي في سوريا، وهي مهن وخطط إدارية ساعدته على فهم قضايا الواقع الاجتماعي والسياسي الذي يعيشه المواطن السوري خاصة، والمواطن العربي عامة. ففي حلب بدأ الكواكبي حياته المهنية محرراً ومترجماً في جريدة "الفرات"[7] التي عمل فيها ثلاث سنوات امتدت من سنة 1872 إلى سنة 1876. ليصدر بعد سنتين من ذلك، أي سنة 1878م، جريدة "الشهباء"[8] ليؤسس بعد سنة واحدة جريدة "الاعتدال"[9] جاعلاً من قلمه قلم صدق انبرى إلى "كشف أسرار الأمور وتنبيه أفكار الجمهور ومساعدة الدّولة على انتظام حركات السياسة المحلّية وصيانة الحقوق من الشطط بين أركان الهيئة الاجتماعية"[10].

إنّ تعدد التجارب الصحفية لعبد الرحمن الكواكبي، واتخاذه النقد أسلوباً للكتابة وتوجهاً عاماً جعل السلطة السياسية تفكّر في احتوائه[11]، وذلك بتعيينه في مناصب فخرية وإدارية عديدة في المجال المالي والتجاري والزراعي والقضائي[12].

إنّ تولّي عبد الرحمن الكواكبي لهذه الخطط الإدارية المتنوّعة أتاح له الاقتراب من دائرة صنع القرار من جهة، ومن جهة أخرى وفّر له فرصة الاحتكاك بالعامة (القضاء)[13] ومعرفة ما يُسلّط عليهم من مظالم وما يلحق بهم من إجحاف، وبهذا الشكل كان قد عرف أسرار صناعة الظلم والاستبداد، ووقف على حجم الفساد الذي نما وترعرع في السلطة، وانكشفت له أدوات الاستبداد، وحدّد أطرافه وآليات اشتغاله. وفي المقابل تبيّن تأثيره السلبي، وما يترتب عليه من انحطاط لا يقتصر على الجوانب المادية وإنمّا يطول أيضاً جوانب أخرى مثل التعليم والسياسة والدين ...، وبهذه الطريقة اتضحت الصورة أمام الكواكبي فانبرى للإصلاح مهتدياً بالعقل داعياً إلى تجديد الخطاب الديني والسياسي وإعادة بناء المجتمع على أسس جديدة تحقّق للناس العدل والإنصاف والأمن والسلام.

2 ـ في وجوه الاستبداد وأشكاله

بعد أنْ شخّص الداء ووقف على أسبابه، وحدّد العناصر التي تزيده قوّة وتأثيراً في جسد الأمّة، لم يبقَ أمام الكواكبي سوى وصف الدواء، فكان "أمّ القرى" و"طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" الوصفة التي وثّق فيها الدواء وحدّد طرق العلاج ومراحله ومستوياته.

وقد أجمع أنصار عبد الرحمن الكواكبي ودارسوه على القول إنّ تأليف الكتابين تمّ في بلاد الشام، وبالنظر إلى ما تميّز به الوضع في حلب من تضييق على الفكر المستنير الناقد للسياسة العثمانية، فإنّ الكواكبي ارتأى الخروج من حلب إلى مصر لعلّه يجد في أرض النيل حرية التعبير التي افتقدها في أرض الشام، فكان أن وصل القاهرة سنة 1899 سرّاً، وقد ساعده على نشر أفكاره الإصلاحية ما كانت تعيشه مصر من نمو مطّرد في مجال الحريات، لاسيّما حرية الصحافة، وآية ذلك أنّه استطاع نشر كتابيه في أعداد متتالية في جريدتي "المؤيد" للشيخ علي يوسف (1863 م - 1913 م) و"المنار" للشيخ محمّد رشيد رضا (1865 م - 1935 م)، فالأولى تولّت نشر "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد"، أمّا الثانية فنشرت كتاب "أم القرى"، وهو ما ساهم في نشر أفكار الكواكبي ورواجها بسرعة بين مثقفي مصر[14].

وفيهما أقدم عبد الرحمن الكواكبي على مقاومة الاستبداد - شأن الأفغاني، ولكنه يختلف عنه في الطرق والأساليب - بكل هدوء، وذلك عبر مراحل تكون كلّ واحدة منها نتيجة للسابقة لها ومؤسسة للاحقة بها في الآن نفسه. ففي كتابيه "أمّ القرى" و"طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" حدّد المنهج الذي يجب قطعه والطريق التي يجب اتباعها للتخلص من الانحطاط والتخلّف[15]، وذلك في أبعاد ومستويات عديدة أهمها البعد الاجتماعي[16] الذي يقوم على ضرورة تربية النشء وتكوينهم بما يؤسس للكيان الحرّ بما ينمّي في الأفراد حبّ الحياة [17]بدلاً من القناعة بـ"اليسيير والكفاف من الرزق وإماتة المطالب النفسية كحبّ المجد والرياسة [...] والإقدام على عظائم الأمور كالترغيب في أنْ يعيش المسلم كميّت قبل أنْ يموت"[18].

إنّه وضعٌ لا مخرج للمسلمين منه سوى بإصلاح الفرد والجماعة، وذلك باتباع قيم أخلاقية وخصال إنسانية تنتشله من الضعف والعجز[19]والتردّي الأخلاقي (الكذب والنفاق، ...)، ولكي تتحقق النهضة الاجتماعية لا بدّ من إجراء إصلاحات في المستوى القضائي (سنّ قوانين الزواج المنظّم، سنّ قوانين تحمي الأخلاق الحميدة، ...) والثقافي (نشر المكتبات، ...)، والصحي (توفير الظروف الصحية الملائمة لتوفير حياة عادية للناس، ...) والتعليمي (نشر المدارس، فرض إلزامية التعليم، ...).

وفيما يتعلق بهذه المسألة أشاروا إلى أنّ عبد الرحمن الكوكبي قد راهن على التعليم فأولاه أهمية واضحة، وآية ذلك معالجته للقضايا الموصولة بالتعليم من جوانب عديدة، ذلك أنّه وقف على أسباب التخلّف في مجال التعليم وما لحق به من فساد تجلّى في بيع الرتب العلمية لمن يشتريها، ممّا أدّى إلى نشر التخلّف والأمّية والاعتقاد في السحر والعرافة والشعوذة، وهجر العلم والعلماء الذين لم يعودوا ورثة الأنبياء في تصوّر العامة من الناس [20]، فهجر الناس حلقات العلم والعلماء وتعلّقت هممهم بما لا ينفع ولا يغني في شيء، وضعٌ رسخت أركانه السلطة السياسية العثمانية التي عملت على نشر التخلّف والفكر الخرافي كي تحول دون تأثير العلماء في واقعهم الاجتماعي والثقافي، ولكي يظلّ الجهل والانحطاط السمة الغالبة على بنية المجتمع وطبقاته المختلفة، وما زاد الطين بلّة تورّط السواد الأعظم من رجال الدين في هذا المشروع، وذلك بإقدامهم على نشر قيم الجبر والاستسلام للواقع بوصفه تعبيراً عن الإرادة الإلهية، وهو ما جعل الكواكبي ينعت أغلب رجال الدين في عصره بـالمرائين والمتملّقين الذين تفتقد نصائحهم إلى الصدق والإخلاص، فإذا بهم يزرعون بذوراً ميتة في المجتمع[21].

إنّ الاستبداد السياسي في تصوّر عبد الرحمن الكواكبي هو الوجه الآخر للاستبداد الديني[22]، فالدين والسياسة "أخوان، أبوهما التغلّب وأمهما الرياسة، أو هما صنوان قويان بينهما رابطة الحاجة على التعاون لتذليل الإنسان"[23]، وهو ما دعا الكواكبي إلى الحثّ على تجديد الخطاب الديني، وهو بهذا الشكل أعلن عن انخراط مشروعه الإصلاحي في دائرة الخطاب الإصلاحي الإسلامي الذي اعتبر الاستناد إلى الإسلام المنطلق الرئيس للخروج من مآزق الحضارة العربية الإسلامية.

لقد حدّد عبد الرحمن الكواكبي عوامل الانحطاط، فإذا هي موصولة بالحقل السياسي[24]، فاستبداد رجال السياسية بالقرار واعتزالهم أصحاب الرأي والمشورة وتقريبهم للعلماء المتملقين الذين لا نصيحة ترجى منهم ولا خير يلحق العباد من مواقفهم، ويُقدّر الكواكبي أنّ لحاق المسلمين بركب الحضارة المتقدّمة والمتطوّرة يقتضي بالضرورة رفع المظالم عن العباد.

ونحن إذا ما تأمّلنا في الطريقة التي اعتمدها الكواكبي في معالجة أبعاد المسألة السياسية ألفيناه لم يكتف بالنظر في تأثير المجال السياسي في أوضاع الأمّة، وإنّما ألفيناه يفصّل القول في مظاهر الاستبداد السياسي الذي تجلّى في سنّ القوانين وفرضها بالقوة رغم ما تنطوي عليه من ظلم وإجحاف، والتمييز بين العباد بما يولّد لدى الأغلبية الشعور بالضيم. وما زاد من عمق هذا الشعور تولية من لا يصلح شؤون المسلمين، وهو ما أدّى إلى إلجام العباد وإسكات الألسن، فانعدمت الحرية وفُقد العدل وغابت المساواة.

ولكي يحقق المستبد مراده كان لا بدّ من التعويل على خطاب ديني يدفع بالعامة إلى الامتثال للسلطة السياسية المستبدة، وهو ما تجلّى في نشر قيم ومعتقدات تدور على الجبر من جهة، وعلى انتشار الفكر الخرافي (الشعوذة، السحر، ...) من جهة ثانية، وإيهام الناس بأنّ العلوم العقلية هي مناقضة للدين مفسدة للاعتقاد من جهة ثالثة. يضاف إلى ذلك عوامل أخرى تعلّقت بالأخلاق وبالتعليم وبطبيعة المعارف (انتشار الجهل، فساد التعليم، تقديس السلف، ...).

وقد انتهى عبد الرحمن الكواكبي إلى أنّ تأثير هذه العوامل في بنية المجتمع واضح وجلي، ذلك أنّ "الأمّة إذا ضُربت عليها الذلّة والمسكنة وتوالت على ذلك القرون [..] تصير تلك الأمّة سافلة الطباع [...] كالبهائم أو دون البهائم"[25].

وبناء على ذلك، فإنّ على الأمّة أنْ تحسّ بالألم لكي تعي أهمية قيمة الحرية في حياتها [26]، فإذا لم تشعر بذلك فإنّها لا تستحق الحياة مثل الأمم الحرّة[27].

3 ـ هل الواقع مرجعية الشرطي أم مرجعية المُصلح والمواطن؟

ورد في تقارير الشرطي أنّ عبد الرحمن الكواكبي قد تأثّر تأثّراً واضحاً بمؤلّفات قوم دينهم وعقائدهم مخالفة لدين وعقائد أهل الشام وبلاد المسلمين، وما يؤكد ذلك أنّه في المناشير أقرّ باتباعه طريق مفسد من أبرز المفسدين الذين عاشوا في بلاد الإيطاليين اسمه "ألفيري فيتوريو" (1749م - 1803 م) Alfieri Vittorio مؤلّف كتاب Della Tiranide "ما الاستبداد"؟ وقد أثبت قرّاؤه أنّ في الكتاب دعوة صريحة للثورة على الراعي الأمين حامي العباد والديار، وتلك هي الدعوة نفسها التي نادى بها الكواكبي[28].

أفسدت عقله دعاوى الأعداء وأصحاب الفتن، ولا أحد استطاع تحديد الزمن والمكان واللغة، متى طالع أفكارهم وأين وبأيّ لغة؟[29]، فالبعض رجحّ أنّ الكواكبي طالع ترجمة تركية لكتاب ألفيري قام بها جودت عبد الله[30]. وأشار آخرون إلى أنّ "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" لم يقتصر على الاقتباس من كتاب الإيطالي ألفيري، وإنّما استلهم الكواكبي جزءاً مهمّاً من أفكاره من كتاب مستقبل الإسلام The future of islam لـ"ويلفريد سكاون بلنت" (1840م- 1922م) Wilfred Scawen Blunt [31]ومن قيم الثورة الفرنسية[32].

بناء على ذلك تولّت الدوائر الاستعمارية الجديدة تكوين الكواكبي لتملأ دماغه بالأفكار المفسدة، وهي تهمة ما انفك أتباعه ينفونها في السرّ والعلن، فهو عندهم المصلح الذي سعى إلى الإفادة من الحق أينما وجده، فهو الطالب للعلم ولو كان في الصين، وهو الذي لا يخشى في الحق لومة لائم، ولا يثنيه عن اتباع الحق قول القائلين هو مفسد أو عدو التقدّم والنهضة.

يقول الأنصار إنّه نظر في الشرق والغرب، فوجد قوماً عاشوا محنة الاستبداد قبل قومه، واستطاعوا التخلص من ويلاته، فكانت الإفادة منهم والأخذ عنهم والاقتباس من أفكارهم والاقتداء بهم غاية الكواكبي، فالكواكبي من هذا المنظور أدرك ما لم يدركه قومه، ولم يرد أنْ ينعم ببرد الحقيقة وقومه بنار الجهل والتخلّف يصطلون، فكان الداعي إلى نور الحياة وطيبها، مُقرّاً بأنّ "الأمّة التي لا يشعر كلها أو أكثرها بآلام الاستبداد لا تستحق الحرية"[33].

ونحسب أنّ أتباع الكواكبي قد أخطؤوا مثلما أخطأ الشرطي في تحديد المرجعية الرئيسة التي استقى منها الكواكبي أفكاره، فهو لم يكن متأثراً بهذا المفكّر أو ذاك بالقدر الذي يجعل من الكواكبي امتداداً لأفكار غيره، فالمعلم الأول الذي نهل منه الكواكبي وأخذ عنه أفكاره ورؤاه هو الواقع المعيش لقومه[34]، فالواقع الذي عاش فيه الكواكبي - وأحفاده اليوم - لا يحتاج إلى من ينظّر له ويساعد على فهمه، وتبيّن أبعاده ووجوه انحطاطه، وهو وعي شارك الكواكبي فيه رهط من المصلحين أمثال خير الدين باشا وأحمد بن أبي الضياف (1803م -1864م) الذي لم يخفِ سخطه على العامّة، فهي عنده لا تقلّ وعياً عن المصلحين بتردّي الواقع السياسي والثقافي المعيش، ولكنّها خيّرت أنْ تلعب دور "بهائم الأنعام [.. التي] لا تكاد تحدّث سرّها بمخالفته، ولا يختلج في ضميرها انحراف عن الطاعة بما تخلّقوا به من ذُلّ المغارم والقهر الذي جدع أنوف إبائهم [كذا، الأقرب آبائهم] ومحا عزّة نفوسهم بمرور السنين"[35].

ذاك وعي عبّر عنه سكّان "أم الطنافس الفوقا" في مسلسل "ضيعة ضايعة" يوم اعترفوا للشرطي بأنّ عبد الرحمن الكواكبي اسم لكل السكّان، فلا رغبة للجماعة سوى إرضاء الراعي وتجنّب عصاه. وقد يرى البعض -اقتداء بالكواكبي - في ذلك إقداماً من العامّة على ذبح نفسها بسبب الحمق والغباء الذي يحول دون تنوير العقول.

أَلم يخبرنا كانط أنّ الإنسان القاصر لا يستطيع الانتقال من حيز العجز إلى حيز القدرة بالنظر إلى تعوده على الامتثال لإرادة الآخرين؟[36] ولكنّنا نرى في سلوك الرعية الأنعام دليلاً قاطعاً على أنّها لم تع أنّ حياتها فوق الأرض لا تختلف في شيء عن الحياة تحتها، فأنْ تعترف الجماعة طوعاً بما يريد الشرطي خير من أنْ تعترف به كرهاً وإرغاماً.

فالراعي لا يريد شيئاً في تقديرها سوى القبض على الكواكبي، ولم يخطر بباله أنّ من يبحث عنه ميّت منذ ما يزيد عن قرن، وكيف يعي صاحب السلطان ذلك؟ وهو للكتاب معادٍ وللمعرفة محارب من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ ما يتناوله الكواكبي بالتحليل والنقد ماثل أمام الشرطي، فالكواكبي المقتول سمّاً يراد له أنْ يُقتل مرّة أخرى[37]، ذلك أنّه حيّ يرى ويعبّر عن واقع العرب والمسلمين خلال القرن الحادي والعشرين، ومن قبل قِيل دار لقمان على حالها أتى الربيع عليها أم لم يأتِ.

 

قائمة المصادر والمراجع

المصادر

ـ الكواكبي (عبد الرحمن): أمّ القرى، دار الرائد العربي، ط 2، بيروت، لبنان، 1982.

ـ الكواكبي (عبد الرحمن): طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، تقديم أسعد السحمراني، دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع، ط 3، بيروت، لبنان، 2006.

ـ الكواكبي (عبد الرحمن): الأعمال الكاملة، دراسة وتحقيق محمّد عمارة، دار الشروق، ط 2، القاهرة، مصر، 2009.

ـ مسلسل ضيعة ضايعة (ج II، الحلقة الرابعة: التهمة السردين)، إنتاج سامه للإنتاج الفني، دمشق، سوريا 2010.

 المراجع

ـ آل رشي (علاء الدين): من تعاليم القائد الشهيد عبد الرحمن الكواكبي في التنوير والتحرير، تقديم محمّد شاويش، دار المجتمع المدني والدستور، ط 1، ألمانيا، 2013.

ـ أمين (أحمد): زعماء الاصلاح في العصر الحديث، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، القاهرة، مصر، 2012.

ـ البيضاني (هناء): مفهوم الاستبداد في الفكر السياسي الإسلامي الحديث والمعاصر دراسة مقارنة، تقديم علي جمعة، الدار المصرية اللبنانية، ط 1، القاهرة، مصر، 2012.

- جدعان (فهمي): أسس التقدم عند مفكري الإسلام في العالم العربي الحديث، دار الشروق، عمّان، المملكة الأردنية الهاشمية، 1988.

ـ الحذيري (أحمد): منزلة الحرية عند عبد الرحمن الكواكبي، مجلة الفكر العربي المعاصر، العددان 74/ 75، مركز الإنماء القومي، بيروت، لبنان، 1990.

ـ حنفي (حسن): جدل الاستبداد والفتور، دراسة مقارنة بين طبائع الاستبداد وأمّ القرى عند الكواكبي، ضمن أعمال ندوة الرؤى الإصلاحية للمفكر النهضوي عبد الرحمن الكواكبي، جمعها محمّد جمال طحان، سلسلة قراءات معاصرة، اتّحاد الكتّاب العرب، ط 1، دمشق، سوريا، 2007.

ـ زيادة (رضوان): الكواكبي ونظرية الاستبداد، ضمن أعمال ندوة الرؤى الإصلاحية للمفكر النهضوي عبد الرحمن الكواكبي، جمعها محمّد جمال طحان، سلسلة قراءات معاصرة، اتّحاد الكتّاب العرب، ط 1، دمشق، سوريا، 2007.

ـ السماوي (أحمد): الاستبداد والحرية في فكر النهضة، دار محمّد علي الحامي، ط 1، صفاقس، تونس، 1988.

ـ شكري (غالي): النهضة والسقوط في الفكر المصري الحديث. الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة ،مصر، 1992.

- ابن أبي الضياف (أحمد): إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان، تحقيق الشيخ محمّد شمّام، الشركة التونسية للنشر ووزارة الشؤون الثقافية، ط 3، تونس، 1989.

ـ القاضي (محمّد) وصولة (عبد الله): الفكر الإصلاحي عند العرب في عصر النهضة، سلسلة مفاتيح، دار الجنوب، ط 1، تونس، 1992.

ـ كتورة (جورج): طبائع الكواكبي في طبائع الاستبداد دراسة تحليلية، المؤسسة الجامعية للدراسات (مجد)، ط 1، بيروت، لبنان، 1987.

ـ ليفين (ز. أ): الفكر الاجتماعي والسياسي الحديث في مصر والشام، ترجمة بشير السباعي، دار شرقيات للتوزيع والنشر، القاهرة، مصر، 1997.

ـ مبارك (زهير فريد): أصول الاستبداد العربي، مؤسسة الانتشار العربي، ط 1، بيروت، لبنان، 2010.

ـ المسعودي (حمّادي): إشكالية النّهضة في الفكر العربي الحديث، دار نهى للطباعة والنشر والتوزيع، ط 1، صفاقس، تونس، 2011.

ـ المسعودي (حمّادي): مرجعية التحديث عند عبد الرحمن الكواكبي، مجلة الفكر العربي المعاصر، العددان 94/ 95، مركز الإنماء القومي، بيروت، لبنان، 1992.

ـ المسعودي (حمّادي): البعد الاجتماعي في تفكير الكواكبي النهضوي، آداب القيروان، العدد الثاني، المطبعة الرسمية، تونس، 1997.

-       Encyclopédie de l’Islam, (E.I.2) article «al-Kawakibi ».

-       Haim (Silvia): Alfieri and al- Kawakbi, Oriente Moderno, Roma, NO 7, 1945.

-       Haim (Silvia): The Ideas of a Precursor, bd al-Ra~an al-Kawakibi (1849-1902) , In Relation to the Trendo Muslim-Arab Political Thought , University of Edinburgh, 1953.

-       Kant (Emmanuel): Qu'est-ce que les Lumières ? , Mille et une nuits, La petite collection, Paris, 2006.

-       Tapiero (Norbert): Les Idées réformistes d'al- Kawâkibî, contribution à l'étude de l'Islam moderne, Les Éditions Arabes, Paris, 1956.


* نشر هذا المقال في مجلة يتفكرون، العدد الثامن، 2016، إصدارات مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث.

[1]. Kant (Emmanuel): Qu'est-ce que les Lumières ? , Mille et une nuits, La petite collection, Paris, 2006.

[2]ـ وزّع عبد الرحمن الكواكبي كتاب "طبائع الاستبداد، ومصارع الاستعباد" على فاتحة للكتاب حدّد فيها أسباب التأليف، أتبعها بمقدّمة بيّن فيها مفهوم علم السياسة وأهم المؤلّفات التي كُتبت في مجال السياسة من جهة، ومن جهة أخرى بيّن ماهية الاستبداد بما هو الموضوع الرئيس في علم السياسة، وهو ما تطلب من الكواكبي معالجة الاستبداد في فصول، خصص الأول للإجابة عن سؤال "ما هو الاستبداد؟" وأتبعها بتسعة فصول درس فيها علاقة الاستبداد بالدين والعلم والمجد والمال والأخلاق والتربية والترقي. وقد انتهى ذلك بتحديد أهم طرق التخلص من الاستبداد.

ومن هذا المنظور بدا الكتاب متماسك الأجزاء قامت فصوله على التدّرج المنطقي الذي يصل مظاهر الاستبداد بالحلول التي اقترحها الكواكبي.

[3]ـ راجع القاضي (محمّد) وصولة (عبد الله): الفكر الإصلاحي عند العرب في عصر النهضة، سلسلة مفاتيح، دار الجنوب، ط 1، تونس، 1992، (الفصل الأوّل إصلاح النظام السياسي من القسم الثالث)، ص ص 65- 78. وانظر أيضاً مبارك (زهير فريد): أصول الاستبداد العربي، مؤسسة الانتشار العربي، ط 1، بيروت لبنان، 2010، ص 68 وما بعدها.

[4]ـ الكواكبي (عبد الرحمن): طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، تقديم أسعد السحمراني، دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع، ط 3، بيروت، لبنان، 2006، ص 34

[5]ـ المصدر نفسه، الصفحة نفسها.

[6]ـ المصدر نفسه، ص 30

[7]ـ كانت جريدة الفرات الجريدة الوحيدة التي تصدر في حلب أيام عبد الرحمن الكواكبي، وقد كانت هذه الجريدة اللسان الناطق باسم دولة الباب العالي في حلب.

[8]ـ نشير إلى أنّ هذه الجريدة قد أصدرها الكوكبي بالتعاون مع هشام العطار، وقد أمر كامل باشا القبرصي والي حلب يومها بإغلاق الجريدة ومنع نشرها، وذلك بعد صدور العدد الخامس عشر.

[9]ـ عرفت جريدة الاعتدال المصير نفسه الذي عرفته جريدة الشهباء، فقد أمر والي حلب آنذاك جميل باشا بإيقاف طبع الجريدة ومنع بيعها ونشرها، وذلك إثر نشر العدد العاشر منها.

[10]ـ الكواكبي (عبد الرحمن): الأعمال الكاملة، دراسة وتحقيق محمّد عمارة، دار الشروق، ط 2، القاهرة، مصر، 2009، (العدد الأوّل صحيفة الشهباء)، ص ص 496 -497

[11]ـ راجع أهم مراحل حياته في آل رشي (علاء الدين): من تعاليم القائد الشهيد عبد الرحمن الكواكبي في التنوير والتحرير، تقديم محمّد شاويش، دار المجتمع المدني والدستور، ط 1، ألمانيا، 2013، ص ص 11-13، ومقدّمة محمّد عمارة للأعمال الكاملة للكواكبي، (سبق ذكره)، ص 67 وما بعدها.

[12]ـ عُيّن الكواكبي في سنة 1879م عضواً في لجنتي المعارف والمالية بحلب، وسُمّي في سنة 1881م مديراً فخرياً للمطبعة الرسمية بحلب، وبعدها سُمّي رئيساً فخرياً للجنة الأشغال العامة. وفي سنة 1892م عيّن رئيساً للغرفة التجارية ورئيساً للمصرف الزراعي، وفي سنة 1896م كُلّف برئاسة لجنة بيع الأراضي الأميرية. فعضواً بمحكمة التجارة، وذلك خلال سنة 1886م ليتولى رئاسة كُتّاب المحكمة الشرعية سنة 1894م. (راجع مقدمة أسعد السحمراني لكتاب طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، سبق ذكره).

[13]ـ تذكر دراسات عديدة أنّ الكواكبي قد وثّق شكاوى الناس في حقّ الولاة والإداريين العثمانيين في سجّلات كلّف الباب العالي رئيس دائرة المحاكمات في شورى الدولة سنة 1885م، للتثبت فيها والتحقق من أمرها.

[14]ـ راجع شكري (غالي): النهضة والسقوط في الفكر المصري الحديث. الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، مصر، 1992، ص 171

[15]ـ انظر حنفي (حسن): جدل الاستبداد والفتور، دراسة مقارنة بين طبائع الاستبداد وأمّ القرى عند الكواكبي، ضمن أعمال ندوة الرؤى الإصلاحية للمفكر النهضوي عبد الرحمن الكواكبي، جمعها محمّد جمال طحان، سلسلة قراءات معاصرة، اتّحاد الكتّاب العرب، ط 1، دمشق، سوريا، 2007، ص 93

[16]ـ المسعودي (حمّادي): البعد الاجتماعي في تفكير الكواكبي النهضوي، آداب القيروان، العدد الثاني، المطبعة الرسمية، تونس، 1997، ص ص 71- 89

[17]ـ المسعودي (حمّادي): إشكالية النّهضة في الفكر العربي الحديث، دار نهى للطباعة والنشر والتوزيع، ط 1، صفاقس، تونس، 2011، ص ص 17-21

[18]ـ الكواكبي (عبد الرحمن): أمّ القرى، دار الرائد العربي، ط 2، بيروت، لبنان، 1982، ص 26

[19]ـ الكواكبي (عبد الرحمن): طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، (سبق ذكره)، ص 107

[20]ـ الكواكبي (عبد الرحمن): أم القرى، (سبق ذكره)، ص ص 39-48

[21]ـ الكواكبي (عبد الرحمن): طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، (سبق ذكره)، ص 89

[22]ـ كتورة (جورج): طبائع الكواكبي في طبائع الاستبداد دراسة تحليلية، المؤسسة الجامعية للدراسات (مجد)، ط 1، بيروت، لبنان، 1987، ص 25. والسماوي (أحمد): الاستبداد والحرية في فكر النهضة، دار محمّد علي الحامي، ط 1، صفاقس، تونس، 1988، ص 37

[23]ـ الكواكبي (عبد الرحمن): طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، (سبق ذكره)، ص 45

[24]ـ راجع زيادة (رضوان): الكواكبي ونظرية الاستبداد، ضمن أعمال ندوة الرؤى الإصلاحية للمفكر النهضوي عبد الرحمن الكواكبي، (سبق ذكره)، ص 83

[25]ـ الكواكبي (عبد الرحمن): طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، (سبق ذكره)، ص 197

[26]ـ راجع الحذيري (أحمد): منزلة الحرية عند عبد الرحمن الكواكبي، مجلة الفكر العربي المعاصر، العـددان 74/ 75، مركز الإنماء القومي، بيروت لبنان، 1990

[27]ـ إنّ للاستبداد في الثقافة العربية الإسلامية جذوراً ضاربة في التاريخ، وهو ما يجعل منه مفهوماً متأصلاً فيها له مظاهر (فساد اقتصادي، فساد إداري، فساد قضائي، فساد اجتماعي، ...) وله آليات عديدة (السلطة القهرية، غياب القانون، الدولة البولسيّة، ...) وله مقومات (فكرية، ثقافية، اجتماعية، تاريخية، ...)، راجع في ذلك البيضاني (هناء): مفهوم الاستبداد في الفكر السياسي الإسلامي الحديث والمعاصر دراسة مقارنة، تقديم علي جمعة، الدار المصرية اللبنانية، ط 1، القاهرة، مصر، 2012، الفصل الثاني ص ص 139-213. واانظر أيضاً مبارك (زهير فريد): أصول الاستبداد العربي، (سبق ذكره)، (الفصل الثاني: أركيولوجيا الاستبداد العربي).

[28]. Tapiero (Norbert): Les Idées réformistes d'al- Kawâkibî, contribution à l'étude de l'Islam moderne, Les Éditions Arabes, Paris, 1956, PP 34-35.

[29]ـ ذهب أحمد أمين إلى أنّ ظروف مطالعة عبد الرحمن الكواكبي لكتاب "ألفيري فيتوريو" غير معروفة (راجع أحمد أمين: زعماء الاصلاح في العصر الحديث، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، القاهرة، مصر، 2012، ص 69 وما بعدها).

[30]ـ جدعان (فهمي): أسس التقدم عند مفكري الإسلام في العالم العربي الحديث، دار الشروق، عمّان، المملكة الأردنية الهاشمية، 1988، ص 298

[31]. Haim (Silvia): Alfieri and al- Kawakbi, Oriente Moderno, Roma, NO 7, 1945, PP321-334

Haim (Silvia) The Ideas of a Precursor, bd al-Ra~an al-Kawakibi (1849-1902), In Relation to the Trendo Muslim-Arab Political Thought , University of Edinburgh, 1953.

[32]ـ ليفين (ز. أ): الفكر الاجتماعي والسياسي الحديث في مصر والشام، ترجمة بشير السباعي، دار شرقيات للتوزيع والنشر، القاهرة، مصر، 1997، ص117.

[33]ـ الكواكبي (عبد الرحمن): طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، (سبق ذكره)، ص 179

[34]ـ راجع أهم المرجعيات التي شكّلت وعي الكواكبي بضرورة تجاوز الانحطاط عند المسعودي (حمّادي): مرجعية التحديث عند عبد الرحمن الكواكبي، مجلة الفكر العربي المعاصر، العددان 94/ 95، مركز الإنماء القومي، بيروت، لبنان، 1992، وانظر أيضاً مقال الكواكبي ضمن دائرة المعارف الإسلامية النسخة الفرنسية:

Encyclopédie de l’Islam, article "al-Kawakibi" (E.I.2) 

[35]ـ ابن أبي الضياف (أحمد): إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان، تحقيق الشيخ محمّد شمّام، الشركة التونسية للنشر ووزارة الشؤون الثقافية، ط 3، تونس، 1989، ج 1، ص 11

[36]. (op cit), P 57. Kant (Emmanuel): Qu'est-ce que les Lumières?

[37]ـ لا يختلف دارسو أعمال الكواكبي في شأن موته، فالجميع يؤكد أنّ موته كان اغتيالاً سياسياً، فبعد أنْ أقام في مصر ثلاث سنوات غير متتالية (1899م - 1902م) مات الكواكبي بعد احتساء فنجان من القهوة في مقهى يقع بالقرب من حديقة الأزبكية، ويذهب بعض الباحثين إلى أنّ السلطان العثماني عبد الحميد هو من دبّر للاغتيال وأمر بتنفيذه.