الـجـاحـــظ مـــؤولا: دراسة في الأبعاد التأويلية لدى الجاحظ


فئة :  أبحاث محكمة

الـجـاحـــظ مـــؤولا:  دراسة في الأبعاد التأويلية لدى الجاحظ

الـجـاحـــظ مـــؤولا:

دراسة في الأبعاد التأويلية لدى الجاحظ

ملخص:

تبتغي هذه الورقة البحثية الاقتراب من الأبعاد التأويلية وتجليات التأويل لدى الجاحظ في كتابه الموسوعي "الحيوان"، حيث تم استطلاع مفهوم التأويل وقواعده، وأسفرنا عن الممارسة القرائية المرحة للجاحظ في تناوله لمجموعة من الموضوعات، وتأويله للأحاديث والأمثال والنص القرآني. إننا نبرز في الدراسة جزءا من تشعب الفكر الجاحظي، بحكم اتسامه بالبينية، وانفتاحه على عدد لا متناه من القضايا التي يتواشج فيها الفلسفي بالديني، والأدبي بالفكري، والواقعي بالتخييلي؛ فقد حوى متن الحيوان نصوصا خصيبة، تحدث فيها صاحبها عن القارئ والتأويل والقراءة، في سياقات مختلفة، يتولّد منها سؤال أساس ورئيس أتشاركه وأتقاسمه معك أيها القارئ، هو على الشكل الآتي: في أيِّ السياقات والمساقات تحدث الجاحظ عن التأويل؟ سؤال نجيب عنه باستحضار نصوص نقلتها وأخذتها من الحيوان، هي نصوص صادفت بعضها في كتابات كيليطو، دون إشارته إلى أنها منسوبة للجاحظ، رغبةً منه في تحريك آلية ودربة العَودِ إلى التراث الزاخر بنصوص الأخيار، ولم أكن أعرف أنها نصوص جاحظية بالأساس، لولا الدربة على عودتنا إلى مصاحبة التراث الأدبي للقدماء. إن هدفنا من نقل النصوص ظاهر في استيضاح غوامضها وخفاياها، وإبداء بواطنها وتعيينها، وجعلها مُحققِةً لإشكال الورقة وأهدافها، الظاهر في بيان المظهر التأويلي في متن الحيوان.

مقدمة:

يتشابك ويتواشج الفعل القرائيّ مع التأويلي في الاقتراب من النص ومصاحبته، والبحث عن أسراره، وجعله ينفتح على اللانهائي، بالإصغاء إلى مسكوتاته، ومعرفة مضمراته، وفتحها على احتمالات لا متناهية، وسيقترب هذا المطلب من التعرف على الجاحظ المؤول، بممارسة عملية قرائية في منجزه التأويلي والقرائي في آنٍ؛ لأن "التأويل بما هو أساس القراءة، لا يتم بإنتاج المعنى وحسب، ولكن أساسا بإنتاج الأدب، أي إنتاج التأويل المُولّد للأدب ومتعته، سيرورة التأويل محكومة بآليات إنتاج الأدب. القراءة، بهذا المعنى، مسؤوليّة مضاعفة؛ لأنها موجَّهَة لا إلى صَوغ تأويل عميق وحسب، بل إلى جعل هذا التأويل أدبًا في آن"[1].

التأويل عنصرٌ رئيس في العمليّة القرائيّة، فهو غير مختصّ بإنتاج المعنى وحسب. إنه يُسهم أيضا في إنتاج أدب جديد، وهنا تظهرُ تشعُّبات القراءة وتعقيداتها. فمن خلال اللعب القرائيّ الخلاق، تتولّد نصوص أخرى بفعل الخلفيّة المعرفية للمؤوِّل، إنّنا أمام احتمالات لا حصَر لها.

وعليه، فالفعل القرائيّ يتحقّق متى كان مُرتبطا مع التأويل لأخْذ مسؤوليّة الحفْر للبحث عن المعاني، والأجدر توليد أدب جديد، فبالتأويل "يسبرُ المؤول بُعدًا مجهولا في النص، ويكشف دلالات ما اكتشفت من قبل، ويقرأ في الأصل ما لم يقرأه سلفه، فيعقل ما لم يعقل ويولد المعنى من حيث يُظنّ اللامعنى، ويستنبط المجهول من المعلوم(...)، ليس التأويل العلم بما هو معلوم سلفًا ومسبقًا، بل هو العلم بما لم يعلمه الإنسان(...)، وعلى هذا النحو ينبغي قراءة"[2] النصوص ومساءلتها. شأن عمل به الجاحظ في نصوص تقريرية كثيرة، جمعناها من مصنف الحيوان، وتتبعناها وقرأناها قراءة متأنية، تَكَشّف من خلالها امتلاك الجاحظ أبعادا قرائية، جعل فيها التأويل مرتبطا ببعد حكائي يسمى لعبة السرد، وممزوج بخلفية معرفية متشعبة المسالك والخطوط، ومنفتحة على عوالم متباينة، ومن ثمة، فأساس كلّ عمليّة قرائيّة زادُها المعرفيُّ والفلسفيّ، واحتمالاتها المتجددة.

للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا

[1]- خالد بلقاسم، "مرايا القراءة"، المركز الثقافي العربي، ط1/2017م – الدار البيضاء – المغرب ص119

[2]- علي حرب، التأويل والحقيقة: قراءات تأويلية في الثقافة العربية، دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع، ط1/ 2007م- بيروت، ص14